(١) وصورة هذا الاجتهاد "قياس خليفة رسول الله ﷺ في وجوب أخذ الزكاة من الأغنياء للفقراء ونحوهم كما يؤخذ من المستصفى والإحكام، أو قياس الزكاة على الصلاة في وجوب قتال الممتنعين عن أدائها" كما يؤخذ من شرح المختصر ومن المستصفى أيضا". "ووجه الأول: أن الله تعالى قال لنبيه الكريم: ﴿خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ﴾ فأوجب على نبيه ﷺ أخذ الزكاة من الأغنياء، لصرفها، في مصارفها لأنه إمام الأمة، فقاس أبو بكر نفسه على الرسول؛ فأوجب على نفسه أن يأخذ الزكاة من الأغنياء، فلما امتنع بنو حنيفة، ولم يكن للأخذ منهم وسيلة سوى القتال؛ أوجب قتالهم؛ لأن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، فوجوب الأخذ مبني على القياس السابق بجامع الإمامة العظمى ووجوب القتال للممتنعين من لوازمه. "ووجه الثاني" أن وجوب أخذ أبي بكر الزكاة من الأغنياء كان أمرا مقررًا معلومًا بين الصحابة، لكن إذا امتنع الأغنياء ولم يكن للأخذ منهم وسيلة سوى القتال فهل يجب القتال، للتوصل إلى هذا الأخذ؛ لأن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب؟، أو يمتنع؛ لأن النبيّ ﷺ قال: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله، فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها" وهؤلاء الممتنعون قد قالوا: لا إله إلا الله، فدماؤهم معصومة، فلا يقاتلون. هذان أمران متعارضان، فلا بد من الجمع بينهما إما بتخصيص وجوب الأخذ بما إذا تأدى بغير قتال، أو بتخصيص عصمة الدم بمن أمكن استيفاء الحق منه بدون قتال، ولا بد من ترجيح أحد هذين التخصيصين، فرجح أبو بكر التخصيص الثاني لأن العصمة قد خصصت بمن لم يجتمعوا على ترك الصلاة؛ إذ كان مقررا لديهم وجوب قتال من اجتمعوا على تركها، فقاس الزكاة على الصلاة في وجوب القتال على تركها بجامع أن كلا منهما شعار ديني عظيم يؤدي الاجتماع على تركه إلى فساد كبير. هذا ما ظهر لي في توجيه كل من الرأيين. =