وعنِ السَّادِسِ: الْقَطْعُ بِأنَّ الْعَمَلَ لِظُهُورِهَا، لا لِخُصُوصِهَا؛ كَالظَّوَاهِرِ.
الشرح:"وعن السَّادِس: القطع بأن العمل" بها كان "لظهورها"، وإثارتها الظن "لا لخصوصها، كالظواهر" كلها التي عَمِلُوا بها من الكتاب والسُّنة، فإنا على قطع بأن عملهم إنما كان لظهورها، وما كانوا يجتهدون إلا لتحصيل الظَّن.
ولإمام الحرمين سؤال لو قرر عليه السُّؤال السَّادس في كلام المصنّف، كان موجهًا، وهو أنكم مَعَاشر القياسيين لا تصححون كل نظر، ومتعلّقكم فيما صححتموه إِجماع الأولين، ولا تنقلون فيه لفظًا جامعًا مانعًا، حتى يكون مرجوعكم فيما تأتون وتذرون، وتصححون وتبطلون، وإلَّا فالأقاصيص المتفرقة لا ضبط لها، فكيف انضبط لكم منها ما لا يصح وما يفسد؟، وقد اعترفتم بأنْ لا مدرك غير التعلّق بما صدر منهم.
قال إِمام الحرمين (١): وهذا سؤال مُشْكل، ذكره في "دلائل الكلام" على القَاساني والنَّهْرَواني، حيث لم يقبلا القياس إِلا في المكانين اللذين أشرنا إِليهما آنفًا.
ثم أجاب: بأنَّا نعلم بالضَّرورة أن النظر الذي حكمت به الصحابة زائد على ما اعترف به هؤلاء بأضعاف مُضَاعفة، وآلاف مؤلّفة، وقد ثبت نظر أنكروه، أي: على الجُمْلة، وذلك هو قُصَارى مدعانا هنا، وما من طريق تذكر إِلّا ويستدل عليه بخصوصه على حسب الإِمكان، ولك نقل هذا الجواب إلى - هنا - فتقول: قد ثبت قياسهم على الجُمْلة، وهو المدعي، أما النظر إِلى كل مأخذ بخصوصه، فلسنا له الآن.
ولك - أيضًا - أن تقول: إِنا نقطع بأن العمل بها إنما كان بحصول الظن، لا بخصوصها، كما ذكر المصنف، وهو سَدِيدٌ.
فإن قلت: يلزمكم العمل بكل قياس.
قلنا: إنما يلزمنا العمل بكلّ قياس يحصل ظنًّا، ونحن نلتزمه، أما ما لا يثير ظنًّا، كالطرد، فلا يلزمنا.
ولقد أورد ابن السَّمعاني سؤال إمام الحرمين هذا على أصل الاستدلال بإجماع