للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

"وقال أحمد" في رواية "والقَاشَاني، وأبو بكر الرازي، والكَرْخِي"، والشيخ أبو


= الوصف يدل على شهرته، وأنه حدث به الحارث بن عمرو عن جماعة من أصحاب معاذ لا واحد منهم، وهذا أبلغ في الشهرة من أن يكون عن واحد منهم ولو سمّى، كيف وشهرة أصحاب معاذ بالعلم والدين والفضل والصدق بالمحل الذي لا يخفى، ولا يعرف في أصحابه متهم ولا كذاب ولا مجروح، بل أصحابه من أفاضل المسلمين وخيارهم، ولا يشك أهل العلم بالنقل في ذلك، كيف وشعبة حامل لواء هذا الحديث، وقد قال بعض أئمة الحديث، "إذا رأيت شعبة في إسناد حديث فاشدد يديك به".
"الثاني" أن أهل العلم قد نقلوا هذا الحديث واحتجوا به فوقفنا بذلك على صحته عندهم، كما وقفنا على صحة قول النبي : "لا وصية لوارث" وقوله في البحر: "هو الطهور ماؤه الحل ميته" وقوله: "إذا اختلف المتبايعان في الثمن والسلعة قائمة تحالفا وترادا البيع" وقوله: "الدية على العاقلة" وإن كانت هذه الأحاديث لم تثبت من جهة الإسناد، ولكن لمّا تلقتها الكافة عن الكافة غنوا بصحتها عن طلب الإسناد لها، فكذلك حديث معاذ لما احتجوا به جميعًا غنوا عن طلب الإسناد له. كذا قال أبو بكر الخطيب.
وقال الغزالي: هذا حديث تلقته الأمة بالقبول ولم يظهر أحد فيه طعنًا ولا إنكارًا، وما كان كذلك لا يقدح فيه كونه مرسلًا، بل لا يجب البحث عن إسناده اهـ. ولهذه الشهرة أطلق جماعة من الفقهاء كالباقلاني وأبي الطيب الطبري وإمام الحرمين عليه الصحة، وقد احتج به الشافعي على حجية القياس. وجاء في كشف الأسرار: "إن مثبتي القياس أبدًا كانوا يتمسكون به في إثبات القياس، ونفاته كانوا يشتغلون بتأويله، فكان ذلك اتفاقًا منهم على قبوله" اهـ.
"الثالث" أن هذا الحديث معتضد بشواهد صحيحة تقويه، وتبلغ به درجة القبول. قال ابن أمير الحاج: قال شيخنا الحافظ: وله شاهد صحيح الإسناد لكنه موقوف ثم أسنده - يعني شيخه - من طريق الدارمي ثم البيهقي، عن عبد الله بن مسعود قال: "لقد أتى علينا رفاق وما نسأل ولسنا هناك ثم بلغنا الله ما ترون، فإذا سئل أحدكم عن شيء فلينظر في كتاب الله، فإن لم يجد في كتاب الله فلينظر ما اجتمع عليه المسلمون، فإن لم يكن فليجتهد رأيه ولا يقل أحدكم إني أخشى؛ فإن الحلال بين والحرام بين، وبين ذلك أمور مشتبهة، فدع ما يريبك إلى ما لا يريبك" وفي الباب عن عمر بن الخطاب نحو حديث ابن مسعود دون ما في أوله وآخره، أخرجه الدارمي والبيهقي بإسناد صحيح. وأخرج البيهقي عن زيد بن ثابت أنه قال ذلك لمسلمة بن مخلد لمّا سأله عن القضاء، وإسناده حسن اهـ.
"الاعتراض الثاني والجواب عنه":
قالوا: إنه خبر واحد ورد في إثبات أن القياس حجة وهو مما تعم به البلوى، وخبر الواحد فيما تعم به البلوى لا يقبل. =

<<  <  ج: ص:  >  >>