. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
إسحاق الشِّيرَازي، وأبو الحسين البَصْرِي: "يكفي"، ونقله الأكثرون عن النَّظَّام، منهم الآمدي.
= " والجواب عنه من وجهين":
"الأول" أن خبر الواحد فيما تعم به البلوى يقبل على الصحيح كما هو مقرر في محله.
"الثاني" أنه خبر مشهور؛ لتلقي الأمة له بالقبول، فهو يفيد الطمأنينة؛ وهي فوق ظن الآحاد؛ لأنها اليقين بالمعنى الأعم، فيقبل فيما تعم به البلوى على فرض أن خبر الواحد المجرد عن الشهرة لا يقبل في ذلك.
"الاعتراض الثالث والجواب عنه":
قالوا: إنه مناف للعقل؛ فلا يقبل، وذلك أن مقتضى تولية النبي ﷺ معاذًا على اليمن أنه ﵇ يعلم اتصافه بأهلية الولاية، فهو إذا يعلم ما يقضي به، وحينئذ لا يكون لسؤاله عما يقضي به معنى.
"ويجاب عنه" بأن السؤال كان قبل التولية عند إرادتها؛ ليستكشف به النبي ﷺ صلاحية معاذ لها، وعلى فرض أنه وقع بعد التولية، فهو للتأكد أو لإعلام غيره بتوليته.
"الاعتراض الرابع والجواب عنه":
قالوا: إنه مناف للقرآن الكريم، فإنه يدل على أن الحكم قد يفقد من كتاب الله تعالى مع أن الله يقول: ﴿ما فرطنا في الكتاب من شيء﴾ ﴿ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين﴾ وهاتان الآيتان تدلان على أنه ما من حكم إلا وهو في كتاب الله تعالى، وهذا ينافي فقدان الحكم منه، فيكون الحديث مردودًا؛ لمنافاته القرآن.
"وأجيب عنه" بأن المراد بالكتاب اللوح المحفوظ كما عزى إلى عامّة المفسرين، وعلى فرض أن يراد به القرآن الكريم فليس المقصود بالآيتين أنه يدل على كل حكم بالنص عليه بخصوصه، فهذا باطل بالاستقراء، وإنما المقصود بهما أنه يدل علي كل حكم إما بالنص عليه وإما بالنص على الأصل الذي يؤخذ منه، وقد دل على صدق الرسول ﵊ في أقواله، ومن أقواله هذا القول المبين صحة الاحتجاج بالقياس عند عدم النص على الحكم بخصوصه، فلا منافاة بين فقدان الحكم من كتاب الله نصًّا وبين وجدانه فيه بالدلالة على أصله.
"الاعتراض الخامس والجواب عنه":
قالوا: إنه مناف للدليل الدال على جواز نسخ الكتاب وتخصيصه بالسنة، وهذا الدليل صحيح، فمنافيه باطل، وبيان منافاته له أنه يدل على أن الحكم متى وجد في كتاب الله وجب العمل به، ولا ينتقل إلى السنة إلا عند فقده منه، فالسنة إذًا لا تخصص الكتاب ولا تنسخه، وإلا ما توقف العمل بها على فقده. =