وَفِي تَمْكِينِ الْمُعْتَرِضِ مِنَ الدَّلَالَةِ عَلَى وُجُودِ الْعِلَّةِ إِذَا مُنِعَ، ثَالِثُهَا: يُمَكَّنُ مَا لَمْ يَكُنْ حُكْمًا شَرْعِيًّا.
وَرَابِعُهَا: مَا لَمْ يَكُنْ طَرِيقٌ أَوْلَى بِالْقَدْحِ.
قَالُوا: لَوْ دَلَّ الْمُسْتَدِلُّ عَلَى وُجُودِ الْعِلَّةِ بِدَلِيلٍ مَوْجُودٍ فِي مَحَلِّ الْنَّقْضِ، ثُمَّ مُنِعَ وُجُودُهَا؛ فَقَالَ الْمُعْتَرِضُ: يَنْتقِضُ دَلِيلكَ - لَمْ يُسْمَعْ؛ لِأَنَّهُ انْتِقَالٌ مِنْ نَقْضِ الْعِلَّةِ إِلَى نَقْضِ دَلِيلِهَا؛ وَفِيهِ نَظَرٌ.
أَمَّا لَوْ قَالَ: يَلْزَمُكَ إِمَّا انْتِقَاضُ دَلِيلِهَا - كَانَ مُتَّجِهًا.
في قُرْء واحد، فلا يكون مبتدعًا كما لو طلقها ثلاثًا في قرءٍ واحدٍ، مع الرَّجعة بين الطّلقتين، فإِن نقض بما لو طلقها ثلاثًا في الحيض.
قلنا: المراد من القرء الطهر.
الشرح: "وفي تمكين المعترض من الدّلالة على وجود العلّة" في صورة النقض "إذا منع" وجودها فيه - كما ذكرناه - مذاهب:
أحدها، وعليه الأكثر، منهم الأمام الرازي وأتباعه: لا؛ لأنَّهُ انتقال من مسألة قبل تمامها إِلى أخرى، وقلب القاعدة بِصَيْرُورَةِ المعترض مستدلا، والمستدلّ معترضًا.
وثانيها: نعم؛ لأن فيه تحقيق النقض، فكان من متمماته.
و"ثالثها: وَيُمَكَّنُ؛ ما لم يكن حكمًا شرعيًّا" حكاه المصنّف، ولم يوجد لغيره.
ووجهه: أن التخلف في الحكم العقلي قادح، فيحصل من تمكينه فائدة، بخلَاف الشرعي؛ لجواز أن يكون التخلف لوجود مانع، أو فوات شرط، وقُصَارى المعترض إِثبات الوصف، ثم لا يجديه؛ لأن التخلف لذلك لا يقدح في العلل الشرعية عند الجمهور.
"ورابعها": قاله الآمدي أنه يمكن "ما لم يكن" للمعترض "دليل أولى بالقدح" من النقض، فإِن أمكنه القَدْح بطريق آخر هو أفضى إلى المقصود فلا، وقد ملت إِلى هذا في "شرح المنهاج".
والمختار - عندي الآن - قول الأكثرين.
الشرح: "قالوا" يعني: الجَدَليين جميعًا، و"لو دلّ المستدل على وجود العلّة" في محلّ التعليل "بدليل موجود في محلّ النقض، ثم منع" بعد ذلك "وجودها" في صورة