للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

النقض، "فقال المعترض: ينتقض دليلك" على العلة، "لم يسمع" منه هذا الاعتراض؛ "لأنَّهُ انتقال من نقض العلّة" نفسها "إلى [نقض] (١) دليلها".

مثاله: قول الحنفي في مسألة التَّبْييت: أتى بمُسَمَّى الصوم، فصح كما في النفل، واستدلّ على وجود الصوم بالإِمساك مع النية، فنقول: العلّة منتقضة بما إِذا نوى بعد الزوال، فيقول: لا نسلم وجود العلة فيه، فنقول: ينتقض دليلك الذي استدللت به على وجود العلّة في محل التعليل.

قال المصنف: "وفيه نظر"؛ لأن المعترض في مكان دفع العلّة، [فليمكن] (٢) له بالقَدْح فيها تارة، وفي دليلها أخرى، ولا يكون انتقالًا ممنوعًا. "أما لو قال" المعترض ابتداء - بعد أن دلّ المستدل بالدليل الموجود في صورة النقض -: "يلزمك إما انتقاض علّتك" إن اعتقدت وجوب الصوم في صورة الناقض، "أو انتقاض دليلها" إن لم تعتقد، "كان متجهًا".

الضرب الثاني: منع تخلّف الحكم في صورة النقض، بأن يكون الحكم ثابتًا فيها [جزمًا] (٣) على رأي المستدل إِن كان مجتهدًا، أو إِمامه إن كان مقلدًا، أو على الصحيح في مذهبه، أو على وجه اقتضى رأيه في مجلس المُنَاظرة التزامه، والتخلّف قد يكون ظاهرًا، وهو واضح، وقد يكون خفيًّا.

والخفي إِما تحقيقي أو تقديري، فالتَّحْقيقي فيما يحرم فيه بالمنع، مثل: السَّلَم عقد معاوضة، فلا يشترط فيه التَّأجيل كالبيع، فإِن نقض بالإِجارة قلنا: الأجل ليس شرطًا لصحة عقد الإِجارة، وإِنما جاء فيها لتقرير المعقود عليه، وهو الانتفاع بالعَيْنِ، وعلى وجه مثل: ثيّب صغيرة، فلا يجوز إجْبَارها كالبالغ، فينتقض بالثيب المجنونة، حيث لا يجوز تزويجها في الأَصَحّ، فيمنعه، وهو وجه في المذهب.

والتقديري مثل: رقّ الأم علّة رق الولد، فينتقض بولد المَغْرُور بحريّة الجارية، فإِن رقّ الأم موجود مع انعقاد الولد حرًّا، فنقول: رقّ الولد مقدر الوجود؛ إِذ لو لم يقدر لم تجب قيمته، فإن الحر لا قيمة له، ولذلك حكي وجه: أنه ينعقد رقيقًا، ثم يعتق على


(١) أ، ت: بعض.
(٢) في أ، ت: فليكن.
(٣) في أ، ت: حرامًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>