فإن قلت: قد قدم المصنف في السَّبر والتقسيم - أن من [طرق](١) الحَذْف الإِلغاء، وهو بيان ثبوت الحكم بالمُسْتبقى فقط، وهذا يقتضي أن ينتفي بإثبات الحكم في صورة دونه هنا.
قلت: ثبوت الحكم في صورة قد يكون مستندًا إِلى العلّة التي ادّعاها المستدل، وهو ما قدمه في السبر والتقسيم، وأشار إليه بقوله: فقط؛ أي: بالوصف المستبقى لا بغيره، "ذا ثبت مستندًا إِليه لا إِلى غيره كفى، ويعرف اسْتناده إِليه بالإِجماع، أو بظاهر من النُّصُوص، كما قدمناه قريبًا، وقد ثبت ولكن لا يعرف اسْتِنَاده إِلى أنه علة، وهو ما ذكره هنا، فلا يكفي لما ذكرناه.
الشرح: "وكذلك لو أبدى أمرًا آخر"؛ أي: لو أنّ المعترض أورد أمرًا آخر "يخلف ما ألغي"؛ أي: يخلف الوصف الذي ألْغَاه المستدل، ويقوم مقامه "فسد الإِلغاء" إِلغاء الوصف المعارض به. وفي قولنا: فسد الإلغاء، تجوز ولطيفة، أما التجوّز؛ فلأن الوصف الذي أفسدناه بالإِلغاء هو الفاسد، وأتى المعترض بخلفه، فالإِلغاء صحيح، والمَلْغى هو الفاسد، ولكن المعترض لما لم يكن له مقصد في إِثبات وصف بخصوصه؛ لأنَّهُ ليس مثبتًا، ولا مدعيًا، ولا وظيفته ذلك - كما عرفناك - عبرنا بفساد الإِلغاء؛ ليعلم أن المراد فساد غرض المعترض من المعارضة بصحّة إِلغاء ما أَبْدَاه، فإذا أتى ببدله، فسد هذا الإِلغاء الذي هو وارد على غرض المعترض من هَدْم قاعدة المستدلّ، وإن لم يتضمّن إثباته، لخلف الوصف إفساد ذلك الوصف الأول، بل تضمن إِثباته بالخلف اعترافه بفساده، وفي الحقيقة الذي فسد أولًا