وصف المُعَارضة، ثم لم ينهض جانب المُعْترض بإِبدائه الخلف، لا بتصحيحه ما أفسد، فهذا هو السر في قولنا: فسد الإِلغاء، وهو اللَّطِيفة التي أشرنا إِليها، ولو قال: زالت فائدة الإِلغاء، كان أولى.
"ويسمى" فساد الإِلغاء بالوجه المذكور "تعدّد الوضع؛ لتعدّد أصلها"؛ أي: أصلي العلّة، لأنها تعددت بأصلين؛ لأن المعترض أورد الوصف، فلما ألغي، عوضه بآخر وصار معللًا بكل منهما على وضع؛ أي: مع قيد، [فإن](١) شئت فاجعل الضَّمير في: "أصلها" عائدًا على المُعَارضة، لتعدد أصل المعارضة؛ لأنها تعدّدت بأمرين، وهما الوَصْفَان اللَّذان أوردهما.
"مثل" قولنا - مستدلين فيما إِذا أمّن العبد حربيًّا -: "أمان من مسلم عاقل، فيصح، كالحر؛ لأنهما" أي: الإسلام والعقل "مظنّتان لأظهار مصالح الإيمان"، فيظهر أن الأمان الصَّادر من المسلم العاقل مصلحة، فيعتبر، "فيعترض" المعترض "بالحريّة" مدعيًا أنها جزء العلّة.
فالعلة: أمان المُسْلم العاقل الحر، لا المسلم العاقل فقط؛ "فإنها أي: الحرية "مظنّة الفراغ للنظري في وجوه المَصْلَحة، والعبد مَشْغُول بخدمة مولاه، "فيكون" النظر بها "أكمل"، فلا يجوز قياس العَبْد على الحر لذلك، "فيلغيها" المستدل "بالمأذون له في القتال"؛ فإن الحنفية وافقوا على صحّة أمانه، "فيقول" المعترض: "خلف الإذن الحرية" في صورة المأذون، "فإنه" أي: الإِذن "مظنّة لبذل الوسع" في النظر؛ إِذ لا شاغل له بعده عن النَّظَرِ، "أو لعلم السَّيد بصلاحيته" للأمان، وإلا لم يأذن له.