"وجوابه: الإلغاء"، إلغاء الوصف الذي جعله المعترض خلفًا للإلغاء، فإن أبدى وصفًا آخر، كان جوابه الإلغاء أيضًا، وهكذا "إلى أن يقف أحدهما"، إما المستدل؛ لعجزه عن الإلغاء، أو المعترض؛ لعَجْزِهِ عن ثبوت غرضه، فينقطع، وفي هذا المقام تظهر الرِّجال، ويبين فُرْسَان الجدال.
"ولا يفيد" المستدلّ "الإِلغاء" إلغاء الوصف المُعَارض به في الأصل "بضعف المعنى"؛ أي: ببيان أن المعنى فيه ضعيف، مع تسليم وجود "المظنّة، كما لو اعترض في الرّدة" من لا يقتل المرأة "بالرّجولية"، وزعمها جزء العلّة في قتل المرتدّ، "فإنه" أي: وصف الرُّجُوليَّةِ "مظنّة الإقدام على القتال، فيلغيها بالمقطوع اليَدَيْنِ"؛ فإن الرّجولية فيه ضعيفة، مع أنه يقتل اتفاقًا، وإنما لم يفده؛ لأنَّهُ لما سلم كونها مظنّة، لم يضرّه ضعفها في صورة، كالسَّفر لما كان مظنّة المَشَقّة، ثبت الحكم على وفقه في المُسَافر المترفه.
"ولا يكفي" في جواب المعارضة "رُجْحَان" الوصف "المعيّن" الذي أَبْدَاه المستدلّ على المعارض به بجهة من جِهَاتِ الترجيح، "ولا كونه متعديًا" إِذا كان وصف المعترض قاصرًا، خلافًا لزاعمي ذلك.
وإنما قلنا: لا يكفي "لاحتمال الجزئية"؛ أي: احتمال كونه جزء علّة، وبعضُ أجزاء العلّة يجوز أن يترجح على بعض، كما في القَتْل العَمْد العدوان؛ فإِن القتل أولى من الأخيرين، وكذا المُتَعَدّى إن ترجّح بالتَّوْسعة، ترجّح القاصرة بموافقة الأصل، ولو سلم الرُّجْحَان، لم يلزم أن يكون مستقلًا؛ لاحتمال أن يكون القاصر جزءًا، وإذا احتمل كون وصف المُعَارضة جزءًا، "فيجيء التحكّم" بتقدير الحكم باستقلال وصف المستدل، دون وصف المعترض.
"والصحيح: جواز تعدد الأصول"، أصول المستدلّ المقيس عليها "لقوة الظَّن به"؛ خلافًا لمن منعه، معتلًّا بأنه يلزم منه التَّشْريع مع حصول المقصود بواحد.
"وفي جواز اقتصار المُعَارضة" في الأصل "على أصل واحد" إِذا أبدى المستدل أصولًا - وقلنا: بأنه صحيح - "قولان":
أحدهما: الجواز؛ لأن المستدلّ قصد إِلحاق الفرع بجميع الأصول، فإِذا فرق المعترض بين الفرع، وأصل من الأصول، فقد تم مقصوده من إِبطال غرض المستدلّ.