وذكر إِمام الحرمين: أن الكلام في الفَرْقِ وراء المعارضة، وأنّ خاصته وسرّه فقه يناقض قصد الجمع.
قال: ردّ الفرق لا يرد المعارضة، بل خاصته الفرق.
وقد اختلف في قَبول الفَرْق، فمنهم من قبله، وزعمه من أرفع الأسئلة.
قال الشيخ أبو إسحاق في "الملخص": إنه أفقه شيء يجرى في النَّظر، وبه يعرف فقه المسألة.
ومنهم من رَدّه.
قال ابن السَّمْعَاني: هو عند المحققين أضعف سؤال يذكر، وليس مما يمس العلّة التي نصبها المعلل بوجه ما.
وذكر إمام الحرمين: أنَّ الصحيح الذي ارْتَضَاه كل منهم: أن التحقيق قبوله؛ لأن شرط صحّة علة الخَصْم خلوّها عن المعارضة.
قال: وحقيقة هذا الكلام أنَّ المعلل لا يستقرّ كلامه ما لم يبطل بمسلك السَّبر كل ما عدا علّته، مما يقدر التعليل به، فإذا علل ولم يسبر، فعورض بمعنى في الأصل، فكأنه طُولِبَ بالوفاء بالسَّبر، ثم ذكر أنه راجع إلى منع التعليل بعلّتين.
وذكر أن القاضي استدلّ على قبوله، بأنَّ السلف كانوا يجمعون، ويفرقون، ويتعلّقون بالفرق كما يتعلّقون بالجمع، كما في قصّة الجارية المُومِسَةِ التي أجهضت الجنين، وقد أرسل إليها عمر بن الخَطّاب ﵁ يهدّدها، فإن عمر استشار الصحابة ﵃ في ذلك، فقال عبد الرحمن بن عوف: إنما أنت مؤدّب، ولا أرى عليك شيئًا.
وقال علي: إن لم يجتهد فقد غشك، وإن اجتهد فقد أخطأ، أرى عليك الغرّة (١)،
(١) ومفاد هذا الأثر أن عثمان وعبد الرحمن بن عوف قاسا الإرسال الذي نشأ عنه إسقاط الجنين فزعًا على التأديب المشروع من الزوج أو السيد أو الأب أو المعلم إذا نشأ عنه الموت بلا تعدّ في عدم إيجابه الدية، بجامع أن كلا منها فعل قصد به التأديب المشروع، وأن عليًّا ﵁ قاسه على قتل الخطأ في إيجاب الديّة على العاقلة، بجامع أن كلا منهما فعل نشأ عنه القتل بلا قصد، وقد وافق عمر عليًّا على ذلك.