للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وأبي إسحاق الشِّيرازي وأصحابهما، وأصحاب أصحابهما قضي العَجَب من ذلك، ورأى كيف كانت الأئمة، على أن أبا المُظَفّر بن السمعاني قال: لا يجوز للفقيه أن يعتمد على جميع هذه الأسْئِلَةِ، ولا يعتقد صحَّتها، فإنها ظواهر أقنع بها من يقنع بظاهر من الكلام، وقل وقوعه على حقائق المَعَاني في المسائل.

وأنا أقول: أئمتنا لا ينكرون ذلك، وإنما وضعوها، واستكثروا منها لينتحل الصّحيح من الفاسد، فيلوح لراكب بِحَار النظر تجنبها (١) وَتَنْفتِحُ الأبواب لذي الفِطْنَةِ فيَسْلخها، ويظهر من حقائق الأمور أَبْلَجُها، وينهض في جَحَافل الأقيسة على أحسن الطرق حججها.

والمصنف وإن ذكر خمسة وعشرين اعتراضًا، فأنواعها عند التحقيق سَبْعة، وذلك أن المستدل يلزمه تفهيم ما يقوله، وإذا اندفع في القياس، لا بد أن يتمكن منه، وإلا فلو منعه مانع عن القياس كان قياسه مردودًا؛ إذ لا قياس إلا حيث يثبت، ثم إذا تمكن لم يكن له [بُدّ] (٢) من تثبيت مقدّماته؛ لتستتب له، وهي: حكم الأصل، وعلته، وثبوت العلّة في الفرع، ثم لا بُد من أن يكون ذلك على وَجْهٍ مستلزم لثبوت حكم الفرع، وإلا ضاع غرضه، وأن يكون ذلك الحكم هو مطلوبه الذي ادَّعَاه أولًا، وساق الدَّليل إليه جهده سبعة مقدمات يتوجه على كل مقام منها نوع من الاعتراض.

النوع الأول، وهو ما يتعلق بالإفهام: هو الاستفسار، وهو أجدرها بالتقديم؛ إذ الكلام فرع التصور.

الثاني: أن يتمكّن من الاحتجاج بالقياس في منعه من القياس في تلك المسألة، فإن منع تمكينه من القياس فيها مطلقًا، فهو فساد الاعتبار، وإن منعه من القياس المخصوص، فهو فساد الوضع.

الثالث: ما يورد على المقدّمة الأولى من القياس، وهو دَعْوَى حكم الأصل، ولا مجال للمعارضة فيه؛ لأنه غضب لنصب الاستدلال، فتعين المنع، وذلك إما ابتداء، أو بعد تقسيم، ويطلق على الأول: منع حكم الأصل، وعلى الثاني: التقسيم.


(١) في ت: تنحيها.
(٢) سقط في ت.

<<  <  ج: ص:  >  >>