يوضِّحه بمثال، وهو "مثل قولهم""في" ثبوت "قصاص الأيدي باليد" الواحدة: إنَّ ذلك "أحد موجبي الأصل، وهو النَّفس، فيجب" في الفرع "بدليل الموجب الثَّاني" لعلَّة الأصل، "وهو الدِّية" على تقدير وجوبها في الفرع، "وقرِّر" الوجوب في الفرع "بأن الدِّية أحد الموجبين"، وهو موجود في الفرع، "فيستلزم الآخر"، وهو القصاص؛ "لأنَّ العلَّة" علَّة الموجبين في الأصل إمَّا واحدةٌ أو إمَّا متعدِّدة، "إن كانت واحدةً، فواضح" وجود وجوب القصاص على الجميع في الفرع يلزم من أحد موجبي العلَّة في الفرع، وهو الدِّية على الجميع وجود العلَّة في الفرع، ومن وجود العلَّة في الفرع وجود الموجب الآخر فيه، وهو وجوب القصاص على الجميع، "وإن كانت متعدِّدةً، فتلازم الحكمين"، أعني: وجوب الدِّيَة والقصاص على الجميع في الأصل "دليل تلازم العلَّتين"، وعلى هذا يلزم من وجود الدِّية على الجميع في الفرع وجود علَّته فيه، ومن وجود علَّته وجود علة الآخر لتلازم العلَّتين، ومن وجود علَّة الآخر أعني: وجوب القصاص على الجميع في الفرع، وهو المطلوب، وفي هذا المثال نظر تقدَّم في كتاب القياس وإذا تمَّ كذلك "فيعترض" المعترض "بجواز أن يكون" ثبوت أحد الموجبين، وهو الدِّيَة "في الفرع" لا بعلَّة الأصل بل "بأخرى"، وهي "لا تقتضي" الحكم "الآخر، ويرجِّحه"، أي: يرجِّح دعواه ثبوت الحكم في الفرع لعلَّة أخرى "باتِّساع المدرك"؛ فإنَّ وجوب الدِّيَة على الجميع في الفرع لعلَّة أخرى توجب التعدُّد في مدارك الحكم الأصل والفرع، وإذا كان علَّة أحد الحكمين لا يقتضي الحكم الآخر "فلا يلزم الآخر".
الشرح:"وجوابه أن الأصل عدم أخرى، ويرجِّحه" أي: يرجِّح عدم أخرى، وثبوت الاتِّحاد "بأولويَّة الاتِّحاد لما فيه من العكس"؛ فإنَّ العلَّة إذا كانت واحدةً كانت مطَّردةً