للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَنَا: أَنَّ مَا تَحَقَّقَ وَلَمْ يُظَنَّ مُعَارِضٌ - مُسْتَلْزِمٌ ظَنَّ الْبَقاء.

وَأيْضًا: لَوْ لَمْ يَكُنِ الظَّنُّ حَاصِلًا، لَكَانَ الشَّكُّ فِي الزَّوْجِيَّةِ ابْتِدَاءً كَالشَّكِّ فِي بَقَائهَا فِي التَّحْرِيمِ أَوِ الْجَوَازِ، وَهُوَ بَاطِلٌ، وَقَدِ اسْتُصْحِبَ الأصْلُ فِيهِمَا.

المصنف في الخارج من غير السبيلين، فهل هو حجة؟ هذا هو محل الخلاف بين أصحابنا، والأكثرون - ومنهم الغزالي - على أنه ليس بحجة، وذهب المُزَني وأبو ثور، والصيرفي، وأبو العباس بن سريج، وابن خَيْران إلى أنه حجة، وهو مذهب داود، واختاره المصنف كما عرفت تبعًا للآمدي.

الشرح: ثم أخذ يستدل لحجية الاستصحاب مطلقًا إذ هو رأيه. "لنا: إنما يتحقق" ثبوته، "ولم يظن" له "معارض"، فإنه "مستلزم ظن البقاء" كذلك المتحقق على ما كان عليه، ولولا حصول هذا الظَّن لما [أرسلت] (١) أخاك من بلد إلى بلد، ولا اشتغلت بما يستدعى زمانًا من حِرَاثَة ونحوها، ولكان ذلك سفهًا.

وإذا ثبت الظَّن فالعَمَل به واجب، "وأيضًا لو لم يكن الظن" [لبقى] (٢) على ما كان عليه "حاصلًا لكان الشَّك في الزوحية ابتداء كالشَّك في بقائها في التحريم أو الجواز، وهو باطل" إجماعًا، فكذا المقدم، "وقد استصحب الأصل فيهما"، فحكم بالتحريم في الأولى، وبالإباحة في الثانية بالإجماع فيها، ولا فارق إلا الاستصحاب، فلو لم يكن حقًّا معتبرًا لزم استواء الحالتين حلًا وتحريمًا، وهو خلاف الإجماع.

ونظيره: إذا تيقن الحدث وشَكّ في الطهارة، وعكسه.

ولقائل أن يقول على الأول: إنما يظن البقاء إذا لم يطرأ مغيِّر.

وأما إذا طرأ فأفضى لأمر الشك، ولا حكم معه.

وعلى الثاني أن اليقين لم يطرأ ما يزيله، بخلاف طريان الخلاف على الإجماع، فهذان الدليلان ينتهضان للاستصحاب الذي نقول به، ويعتضدان بما روى أنه قال: "إنَّ الشَّيْطَانَ يَأتي أَحَدَكُمْ فينفخ بَيْنَ أليَتَيْهِ فَيَقُولُ: أَحْدَثْتَ، أَحْدَثْتَ فَلا يَنْصَرِفَنَّ حَتَّى يَسْمَعَ


(١) في ت: راسلت.
(٢) في أ: لبقاء.

<<  <  ج: ص:  >  >>