للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

استدلّوا بأنه لا بد من دليل، ولا نص ولا إجماع، ولا لأنه طرأ شيء يصلح أن يكون مغيرًا.

وأما في غير استصحاب الإجماع فلا اتجاه له؛ لأن الدليل فيه بالحقيقة، وهو ذلك الأول الذي استصحب من نصّ أو إجماع.

ولو قال: هذا مانع الاستصحاب الذي يقول به، لكان جوابه أن الدليل هو أحد الثلاثة، لا أن يقال: إن النَّافي لا يحتاج إلى دليل.

وإن سلم فالدليل الاستصحاب، وهذا واضح لمن تدبره.

الثاني: زعم ابن السَّمْعَاني أن الصحيح من مذهبنا إنكار الاستصحاب جملة، ثم إذا قيل له: ماذا تقول في العام والنص قبل الخاص والناسخ؟!

قال: نعم، ولكن ليس ذاك استصحابًا؛ لأن الدليل قائم، وهو العام والنص.

وإن قيل: ما تقول في دليل العقل في براءة الذمة أليس يستصحب أيضًا؛ قال: وإنما وجب استصحاب براءة الذمم؛ لأن دليل العقل في براءة الذمة قائم في موضع الخلاف أيضًا.

كما في العام والنص، فوجب الحكم به.

وأما في استصحاب الإجماع، فالإجماع الذي كان دليلًا على الحكم قد زال في موضع الخلاف، فوجب طلب دليل آخر.

وهذه الطريقة التي سلكها ابن السَّمعاني عندنا حسنة، وقد سبق إليها إمام الحرمين، وهي تعرف بأن الخلاف فيما عدا اسْتِصْحَابَ الإجماع لفظي، وبه صرح إمام الحرمين.

والمختار عندنا منع تسميته بـ "الاستصحاب"؛ لأن في إطلاق هذا الاسم إيهام أن الحكم مستند إلى الاستصحاب، وليس هو مستندًا إلا إلى الدليل القائم الذي استصحبناه، وهو مصاحب لنا وقت الحكم، فالاستصحاب فعلنا، والقاضي هو الدليل المستصحب، وكذلك من يستصحب حال الإجماع بعد طَرَيَانِ الخلاف [الذي] (١) لا يرى الاستناد إلا إلى


(١) سقط في أ، ت.

<<  <  ج: ص:  >  >>