للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

الإجماع؛ فإن الاستصحاب نفسه ليس بدليل.

ثم قال ابن السَّمْعَاني: المعتمد أنا لا نثبت براءة الذمة باستصحاب الحال، ولا نحكم بشيء لأجل الاستصحاب، لكن نطلب من المدعي حجّة يقيمها، فإذا لم يقم بقي الأمر على ما كان من غير أن يحكم بثبوت شيء.

والخلاف واقع في ثبوت الحكم باستصحاب الحال، وهذا لا يقوله في موضع ما انتهى، وهذه طريقة أخرى تُغَاير الأولى مع قربها منها.

وحاصلها: أنه يفرق بين الدوام والابتداء، ويقول: ليس في الدوام إثبات، وإنما هناك استمرار ما كان؛ لعدم طريان ما يدفعه، وقد ذكرها المتأخرون، وأشار إليها المصنف بقوله: الحكم البقاء أي: والبقاء لها يحتاج إلى دليل كما عرفناك.

الثالث: هذه الطريقة الأخرى قلنا: إن المتأخرين ذكروها تنبى على أن النافي في حال البَقَاءِ هل يحتاج إلى مؤثر؟.

وفيه خلاف للمتكلمين، فإن قلنا: لا يحتاج وضحت، وإلا لم تنتهض؛ لأنك في الدوام تريد دليلًا، وأنت مثبت به، فكيف تقول: لم يحكم بشيء، والخلاف في أن الباقي هل يحتاج إلى مؤثر مبني على اختلاف آخر في أن علة الحاجة إلى المؤثر، هل هي الإمكان، أو الحدوث أو مجموعها، أو الإمكان بشرط الحدوث؟ والحق أن العلة الإمكان وأن الباقي يحتاج إلى مؤثر، كما هو مقرر في الكتب الكلامية، فعلى هذا لا تنتهض هذه الطريقة.

الرابع: قال علماؤنا: القول باستصحاب الإجماع في موضع الخلاف يؤدي إلى التكافؤ؛ لأنه ما من أحد يستصحب حال الإجماع في موضع الخلاف في شيء إلا وَلخَصْمِهِ أن يستصحب حال الإجماع في مقابلته.

وبيان ذلك أن من قال في مسألة المتيمم إذا رأى الماء في أثناء صلاته: لا تبطل؛ لأنا أجمعنا على صحة صلاته، فلا يبطل الإجماع إلا بدليل.

قيل له: أجمعنا على اشتغال ذمته بفرض الصلاة، ولا تسقط إلا بدليل.

وذكر الشيخ أبو إسحاق أن القاضي - يعني أبا الطيب الطبري - قال: قال داود: لا

<<  <  ج: ص:  >  >>