للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

تقول بالقياس الصحيح، وهنا نقول بقياس فاسد.

لأنه يحمل حالة الخلاف على حالة الإجماع من غير علّة جامعة.

وذكر الخطيب في "التاريخ" أن أبا سعد [البردعي] (١)، وهو من أئمة الحنفية سأل داود عن بيع أمهات الأولاد، فقال: يجوز، فقال له: لم قلت ذلك؟ قال: لأنا أجمعنا على جواز بَيْعِهِنّ قبل العُلُوقِ، فلا يزول عن هذا الإجماع إلا بإجماع مثله.

فقال له: أجمعنا بعد العُلُوق قبل الوضع أنه لا يجوز، فيجب أن تتمسّك بالإجماع، ولا يزول عنه إلا بإجماع مثله.

قلت: إن كان الإجماع قائمًا كما ادَّعَاه على المَنْع قبل الوضع، فالمعارضة جيدة.

الخامس: الصحيح عند أصحابنا فيما إذا رأى المتيمم الماء في أثناء الصَّلاة أن الصلاة إن لم تكن معينة عن القَضَاء بطل تيممه.

وإن كانت معينة لا تبطل، فلم ينظر إلى الاستصحاب.

وخرج المزني قولًا أنهما يبطلان، وساعده ابن سريج.

وقيل: لا يبطلان.

السادس: إذا شرع المعسر في الصوم عن الكَفارة، ثم أيسر لم يلزمه الإعْتَاق.

وذهب المزني أنه يلزمه، وهذه مخالفة لأصله؛ فإنا أجمعنا على شروعه في الصوم أنه الذي يلزمه، فينبغي له استصحاب هذا الإجماع، ولا يزول عنه إلا بإجماع آخر، فإن قال: أجمعنا على أن فرضه أولًا العِتْق، وطريان الإعسار لم يتحقق أنه مانع إلا إذا دام.

أما إذا انقطع فمشكوك، فيجري على أصل الإعتاق، قلنا: قد قدمنا أن كل إجماع [استصحاب] (٢) في حال الخلاف أمكن أن يعكس، وتتكافأ الأدلّة، فهلا اعترضت بهذا على نفسك؟! ونظير ما فعله المُزَني هنا قوله: إن الحر إذا نكح أمَةً بشروطه، ثم أيسر، ونكح حرةً انفسخ نكاح الأمة السابق.


(١) في أ، ت: البرذعي.
(٢) في أ، ت: استصحب.

<<  <  ج: ص:  >  >>