للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قُلْنَا: لِجَوَازِ الْوَحْيِ أَوْ لاسْتِفْرَاغِ الْوُسْعِ.

قَالُوا: الْقَادِرُ عَلَى الْيَقِينِ يَحْرُمُ عَلَيْهِ الظَّنُّ.

قُلْنَا: لا يُعْلَمُ إِلَّا بَعْدَ الْوَحْيِ، فَكَانَ كَالْحُكْمِ بِالْشَّهَادَةِ.

الشرح: "واستدل بأنه أكثر ثوابًا للمشقّة فيه، فكان أولى، وأجيب: بأن سقوطه لدرجة أعلى" من الاجتهاد.

"قالوا: ﴿وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (٣) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى﴾ [سورة النجم: الآية ٣، ٤] يدل على أن جميع ما يأتيه ويذره بالوحي.

"وأجيب: بأن الظاهر" منه "ردّ قولهم: "افْتَرَاهُ".

والحاصل أن الضمير عائد على القرآن لا على كُلّ ما كان يأتيه ويذره حتى ينتفي الاجتهاد.

"ولو سلم، فإذا تعبد بالاجتهاد بالوحي لم ينطق إلا عن وحي.

قالوا: لو كان" متعبدًا بالاجتهاد "لجاز" للمجتهدين "مخالفته" فيه؛ "لأنها" أي: المخالفة بوصف الجواز "من" "أحكام الاجتهاد"؛ إذ يجوز للمجتهد مخالفة المجتهد.

"وأجيب: بالمنع" من الملازمة، فقد لا يجوز مخالفة الحكم الاجتهادي "كالإجماع عن اجتهاد قالوا: لو كان" مجتهدًا "لما تأخر في جواب" عن سؤال، بل كان يجتهد، ويجيب لوجوبه عليه، واللازم باطل؛ لأنه أخر جواب مسائل كثيرة.

الشرح: "قلنا:" ربما كان التأخير "لجواز الوحي، أو لاستفراغ الوُسْعِ" في الاجتهاد، وإنما أخر في مسائل لامتناع الاجتهاد فيها.

"قالوا:" الاجتهاد لا يفيد إلا الظن، والوحي قاطع، "والقادر على اليقين يحرم عليه الظَّن"، كالغائب عن القِبْلَةِ لا يعتمد على خبر من أخبره عن علم، ولا على الاجتهاد إلا إذا تعذّر التعيين، ولذلك الأصح عندنا أن من استقبل حجر الكعبة وحده لا تصحّ صلاته؛ لأن كونه من البيت غير مقطوع به، فلا يعدل عن التعيين إليه، ونظائره تكثر، "قلنا:" لا نسلّم وجود القدرة على اليقين؛ فإنه "لا يعلم" الحال "إلا بعد الوحي"، وليس بمقدور، نعم بعد الإيماء هو قادر، وحينئذ لا يجوز الاجتهاد وفاقًا، أما قبل الإيماء فلا قدرة، "فكان كالحكم بالشَّهادة" مع أنها لا تفيد إلَّا الظن.

<<  <  ج: ص:  >  >>