للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

الشرح: "وأيضًا" روى أحمد، وأبو داود من حديث أم سلمة أن رسول الله قال: "إِنَّكُمْ تختصمون إِلَيَّ، وَلَعَلَّ أَحَدَكُم أنْ يَكُونَ ألْحَنَ بِحُجَّتِهِ، فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ بشيءٍ مِنْ مَالِ أخِيهِ، فَلَا يَأْخُذْهُ؛ فَإِنَّمَا أقْطَعُ لَهُ قِطْعَةً مِنْ نَارٍ" (١). وأصل الحديث متفق عليه.

"وقال: "إِنَّمَا أَحْكُمُ بِالظَّاهِرِ"، وهذا اللفظ لا يُعْرَف، "وأجيب" عن [هذا] (٢) الاستدلال به على تقدر صحّته: "بأن الكلام في الأحكام لا في فَصْل الخصومات، ورد بأنه" أي قضاء الخصومات "يستلزم الحكم الشرعي المحتمل أي: الحكم الشّرعي؛ فإِن المال حلال لزيد، حَرَام على عمرو مع احتمال الصواب والخطأ.

واعلم أنّ الحق عندنا أنه يمتنع عليه الخَطأ.

ودليله ما سيذكره، واستدلال المصنف بقوله: "عَفَا اللهُ عَنْكَ" مدفوع؛ فقد قال غير واحد: إنه كان مخيرًا في الإِذْن وعدمه، فما ارتكب إِلا صوابًا.

فإِن الله - تعالى -[يقول] (٣): ﴿فَأْذَنْ لِمَنْ شِئْتَ مِنْهُمْ﴾ [سورة النور: الآية ٦٢]، فلما أذن


= قال أبو زميل: قال ابن عباس: فلما أسروا الأساري قال رسول الله لأبي بكر وعمر: "ما ترون في هؤلاء الأساري؟ " فقال أبو بكر: يا نبي الله! هم بنو العم والعشيرة، أرى أن تأخذ منهم فدية، فتكون لنا قوة على الكفار؛ فعسى الله أن يهديهم للإسلام، فقال رسول الله : "ما ترى يا بن الخطاب؟ " قلت: لا والله يا رسول الله، ما أرى الذي رأى أبو بكر، ولكني أرى أن تمكننا فنضرب أعناقهم، فتمكن عليا من عقيل فيضرب عنقه، وتمكنني من فلان (نسيبًا لعمر) فأضرب عنقه، فإن هؤلاء أئمة الكفر وصنانديدها، فهوى رسول الله ما قال أبو بكر، ولم يهو ما قلت، فلما كان من الغد جئت فإذا رسول الله وأبو بكر قاعدين يبكيان، قلت: يا رسول الله أخبرني من أي شيء تبكي أنت وصاحبك، فإن وجدت بكاءً بكيت، وإن لم أجد بكاءً تباكيت لبكائكما؟ فقال رسول الله : "أبكي للذي عرض على أصحابك من أخذه الفداء، لقد عرض على عذابهم أدنى من هذه الشجرة" (شجرة قريبة من نبي الله ) وأنزل الله ﷿: ﴿مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ﴾ … إلى قوله: ﴿فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلَالًا طَيِّبًا﴾ [سورة الأنفال: الآيات ٦٧، ٦٩] فأحل الله الغنيمة لهم.
(١) تقدم.
(٢) سقط في أ، ت.
(٣) سقط في ب.

<<  <  ج: ص:  >  >>