للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= العقد وأحد الثلاثة محرم فسخ قبل البناء وبعده، ولو ولدت الأولاد، ولا يتأبد التحريم، وكما أنه لا يصح العقد حال الإحرام الكائن من أحد الثلاثة، كذلك لا يوكلون ولا يجيزون، ويستمر المنع في الحج لتمام الإفاضة إن قدم سعيه، والا فلتمام سعيه. كما أن العمرة يستمر المنع فيها لتمام سعيها، ويندب تأخير العقد عن حلقها أو تقصيرها، فإن عقد بعد تمام الإفاضة وقبل صلاة الركعتين فسخ إن قرب العقد من الطواف، وإلا فلا يفسخ. ولا فرق بين الحج الصحيح والفاسد، والعبرة بوقت العقد في الثلاثة أو أحدهم، فإن وكل حال كونه حلا فلم يعقد الوكيل إلا وأحد الثلاثة محرم فسد، وإن وكل أحدهم وهو محرم فلم يعقد الوكيل إلا والجميع حل صح؛ لما علمنا أن العبرة بوقت العقد، ويستثنى من عدم صحة التوكيل صحة توكيل السلطان إذا كان محرمًا ووكيله ولو قاضيًا حلال، فيصح عقد الوكيل حال إحرام السلطان؛ لضرورة عموم مصالح الناس، وكذا إذا حصل ابتداء للقاضي وهو محرم ونائبه حلال؛ فيصح عقد النائب؛ لضرورة المصالح أيضًا. ويحرم نكاح المحرم للأحاديث الدالة على التحريم خلافًا لأبي حنيفة فإنه يجيز نكاح المحرم ويقول بصحة العقد. يدل لنا ما في صحيح مسلم: حدثنا يحيى بن يحيى قال: قرأت على مالك عن نافع عن نبيه بن وهب أن عمر بن عبيد الله أراد أن يزوج طلحة بن عمر بنت شيبة بن جبير فأرسل إلى أبان بن عثمان يحضر ذلك وهو أمير الحج، فقال أبان: سمعت عثمان بن عفان يقول: قال رسول الله : "لا ينكح المحرم، ولا ينكح، ولا يخطب". وفي رواية أن أبان بن عثمان قال: ألا أراه أعرابيًّا إن المحرم لا ينكح ولا ينكح، أخبرنا بذلك عثمان عن رسول الله ، وفي رواية أخرى، فقال له أبان: ألا أراك عراقيًّا جافيًا، إني سمعت عثمان بن عفان يقول: قال رسول الله : "لا ينكح المحرم" ويدل لأبي حنيفة ما روى في مسلم عن ابن عباس أنه قال: تزوج رسول الله ميمونة وهو محرم. ووافق الكوفيون في ذلك، لكن المنع أرجح، لأن أدلته قولية، ودليل المجيز فعل، والقول أقوى من الفعل، فيقدم عند التعارض؛ لأنه يتعدى للغير بخلاف الفعل؛ فإنه مقصور على صاحبه غالبًا. أضف إلى ذلك أن الرسول قد خص في النكاح بأشياء كثيرة كجواز النكاح بلا مهر الخ، فلا يكون فعله دليلًا على الجواز لغيره. وأيضًا قد ورد أنه تزوجها وهو حلال. من ذلك ما روى عن يزيد بن الأصم قال: "حدثتني ميمونة بنت الحارث أن رسول الله تزوجها وهو حلال. قال: وكانت خالتي وخالة ابن عباس" فصار الفعل مختلفًا في ثبوته، والقول متفقًا عليه، والمتفق عليه مقدم على المختلف فيه. على أنه يمكن الجمع بين الروايتين بأن يقال: معنى "وهو محرم" أنه حال بالحرم، ومن حل به يقال له: محرم، وهي لغة شائعة. والقول بأنه تزوجها وهو حلال رواية أكثر الصحابة، وأما رواية وهو محرم فلم تثبت إلا عن ابن عباس، وهو لا يعارض كل الصحابة، وقيل: إنه بالمدينة وكل أبا رافع مولاه =

<<  <  ج: ص:  >  >>