للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَبِالتَّعَرُّضِ لِلْعِلَّةِ.

مِنْهَا﴾ [سورة النور: الآية ٣١] على الوجه والكفين، فيكون القدم من العورة محتجين بأنه روي عن ابن عباس أنه قال: تفسيره الوجه والكف، إن عارضت الحنفية بأنه روي عن ابن مسعود في تأويله: السَّاق والقُرْط، والخُلْخَال، والدّملج، والقِلادَة.

قالوا: أو الخلخال في آخر الساق، ويلزم من إبدائه ظهور القدم.

فأجاب أصحابنا بأن دليلنا أرجح لثلاثة أوجه:

أحدها: أن ابن عباس أقعد بتأويل القرآن لقوله : "اللَّهُمْ فَقِّههُ فِي الدِّينِ، وَعَلِّمْهُ التَّأوِيلَ".

والثاني: أن الدَّملج محله الذراع، والقِلادَة محلّها العُنقُ، وهما من العورة اتفاقًا، فصار قول ابن مسعود متروك الظاهر، فرجح الأول.

والثالث: حديث أم سلمه أنه قال: "مَنْ جَرَّ ثَوْبًا مِنْ مَخِيلَةٍ لا يَنْظُرُ اللَّهُ إلَيهِ" (١).

قالت أم سلمة: فكيف تصنع النساء بذيولهن؟ قال: "يُرْخِينَ شِبْرًا". قالت: إذن تنكشف أقدامهن، قال : "فَيُرْخينهُ ذِرَاعًا لا يَزِدْنَ عَلَيْهِ" (٢) رواه أبو داود، فقولها: "إذن


(١) أخرجه البخاري ١٠/ ٢٦٦، في اللباس: باب من جر إزاره من غير خيلاء (٥٧٨٤) وفيه من الفقه: أنه لا حرج على من اتجَّر إزاره بغير قصده مطلقًا، وأما ما أخرجه ابن أبي شيبة عن ابن عمر أنه كان يكره جر الإزار على كل حال، فقال ابن بطال: هو من تشديداته، وإلا فقد روى هو حديث الباب، فلم يخف عليه الحكم، قال الحافظ: بل كراهة ابن عمر محمولة على من قصد ذلك، سواء كان عن مخيلة أم لا، وهو المطابق لرؤيته، ولا يظن بابن عمر أنه يؤاخذ من لم يقصد شيئًا، وإنما يريد بالكراهة من انجر إزاره بغير اختياره ثم تمادى على ذلك ولم يتداركه، وهذا متفق عليه وإن اختلفوا هل الكراهة فيه للتحريم أو للتنزيه، وفي الحديث أيضًا: اعتبار أحوال الأشخاص في الأحكام باختلافها، وهو أصل مطرد غالبًا: الفتح ١٠/ ٢٦٧.
(٢) أخرجه أبو داود (٤١١٧)، والترمذي (١٧٣١)، والنسائي (٨/ ٢٠٩)، وابن ماجة (٣٥٨٠)، وأحمد (٦/ ٢٩٣).
وقال الترمذي: حسن صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>