للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَالْخِطَابُ شِفَاهًا مَعَ الْعَامِّ كَذَلِكَ، وَالْعَامُّ لَمْ يُعْمَلْ فِي صُورَةٍ عَلَى غَيْرِهِ، وَقِيلَ: بِالْعَكْسِ، وَالْعَامُّ بِأَنَّهُ أَمَسُّ بِالْمَقْصُودِ؛ مثْلُ: ﴿وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ﴾ [سورة النساء: الآية ٢٣] عَلَى ﴿أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ﴾، وَبِتَفْسِيرِ الرَّاوِي بِفِعْلِهِ أَوْ قَوْلِهِ.

الشرح: "والخطاب" العام الوارد "شفاهًا" مثل: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا﴾ [سورة آل عمران: الآية ١٠٢]، "مع العام" غير الوارد شفاهًا "كذلك" أي: كالعامين ورد أحدهما على سبب، فيتقدم عام المُشَافهة فيمن شُوفهوا به، وفي غيرهم الآخر، وهو واضح، "والعام" الذي "لم يعمل" به "في صورة" ما "على غيره"، ليعمل به، فيكون قد عمل بها؛ إذ لو اعتبر ما يحمل به لزم إلغاء الآخر حمله، والجمع ولو بوجه أولى.

"وقيل: بالعكس" أي: بتقديم ما عمل به؛ لأن العمل شاهد له بالاعتبار.

"والعام" المقصود به بيان الحكم المختلف فيه راجح على العام الذي لم يقصد به، وذلك "بأنه أمس بالمقصود"، وأقرب إليه، ولا ريب في رُجْحَان ما كان كذلك "مثل: ﴿وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ﴾ [سورة النساء: الآية ٢٣] "؛ فإنه راجح في تحريم الجمع بينهما في الوطء "على ﴿مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ﴾؛ إذ هو أمس بمسألة الجمع.

ومثل خبر ابن عباس في مواقيت الصلاة؛ فإنه راجح على خبر ابن عمر: "إنما مثلكم ومثل الأمم من قبلكم"؛ لأن القصد بهذا ضرب المثل لا الحكم، "وبتفسير [الراوي] (١) أي: إذا تعارض تفسيران لخبر، وكان أحد التفسيرين قد فسره به الراوي، فهو الأرجح؛ لأنه أعرف بما رواه، فيكون ظن الحكم به أوثق، سواء أوقع التفسير "بفعله أو قوله"، كما قلنا في التفريق في المُتبَايعين (٢) أن ابن عمر فسّره بالتفرق بالبدن، وكان إذا ابتاع قام ومشى، وهو الراوي، فالمصير إليه أوْلَى.

وفي كلام أكثر المتأخرين، وجميع الشارحين لـ"المختصر": إذا تعارض خبران أحدهما مقترن بتفسير الراوي فهو أرجح، وهنا [لا شيء] (٣)، وإنما المراد تعارض تفسيرين


(١) في ت: الرازي.
(٢) البخاري ٤/ ٣٢٦ في البيوع: باب كم يجوز الخيار (٢١٠٧)، وفي ٤/ ٣٢٨ في باب البيعان بالخيار ما لم يتفرقا (٢١١١)، ومسلم ٣/ ١١٦٣، في كتاب البيوع: باب ثبوت خيار المجلس للمتبايعين (٤٣/ ١٥٣١).
(٣) في ب، ت: وهذا لاثنين.

<<  <  ج: ص:  >  >>