لخبر واحد كما قررناه، لا تعارض خبرين أحدهما مفسر بكلام الراوي.
الشرح:"وبذكر السبب"، أي: ويرجح ما ذكر سبب على ما لم يذكر؛ لأن ذكر الراوي للسبب يدلّ على زيادة اهتمامه بما رواه، "وبقرائن تأخره" عن الآخر، فما دلَّت القرينة على تأخره راجح، والقرائن "كتأخير الإسلام"، كذا بخطّ المصنف أي: أن إسلام أحد الراويين بعد الآخر قرينة أن سماعه متأخر عنه؛ لأن الظاهر أن سماعه إنما هو في حال الإسلام، والعمل بالأحدث فالأحدث، فتكون روايته راجحة، وهذا هو مذهبنا كما قدمناه إلا أن المصنف قدم خلافه؛ إذ صرح فيما مضى بأن تقدم الإسلام أحد مرجّحات الراوي.
وإن قيل: السابق أن تقدم الإسلام مرجح للراوي لا لروايته، والمذكور هنا أن تأخره مرجّح لروايته لا له نفسه، فلا منافاة.
قلنا: هذا لا حاصل له؛ لأن كلامنا ثَمّ إنما هو في ترجيح الراوي يترجح به روايته، "أو تاريخ مضيق"؛ فإنه يرجّح على غيره من مطلق، أو مؤرّخ بتاريخ موسّع، فإنهما يحتملان التأخر.
واعلم أن المراد بـ "التَّاريخ المضيق" ما يبعد بعده التغيير والنسخ، كالمسند إلى أواخر العمر، كتقديمنا ما روي من قوله ﵊:"إِذَا صَلَّى الإمَامُ قَاعِدًا فَصَلُّوا قُعُودًا أَجْمَعُونَ"(١).
وليس مرادنا بـ "التّأخير المضيق" ما يعين فيه ساعة السماع، أو يومه، فإنه لا يظهر ترجيح بذلك، بل الظاهر أنهما فيه سواء.
والأصح في مذهبنا فيما إذا تعارضت بينتان إحداهما مؤرخة، والأخرى مطلقة أنهما سواء.
وقيل: تقدم المؤرخة.
(١) أخرجه مالك في الموطأ (١/ ١٣٥)، في صلاة الجماعة: باب صلاة الإمام وهو جالس، وأخرجه البخاري ٢/ ٢٠٤، كاب الأذان: باب إنما جعل الإمام (٦٨٩)، ومسلم ١/ ٣٠٨، كتاب الصلاة: باب ائتمام المأموم والإمام (٧٧/ ٤١١).