فإن قلت: والأصح في المذهب أنهما إن أرختا بتاريخ مختلف قدم أسبقهما تاريخًا.
قلت: لاعتضاده بالاستصحاب، وهذا في الشهادات، ولا كذلك في الروايات؛ فإن المتأخر أحدث وأبعد عن النسخ، والفرق بين الشَّهادة والرواية معروف، ولو أرخ أحد الراويين بتاريخ متقدم، وأطلق الآخر قدم المطلق؛ لأنه أشبه بالمتأخر، "أو تشديده"، فإذا كان في أحد الخبرين تشديد دون الآخر، أو كان أحدهما أشد قدم "لتأخير التشديدات"؛ فإن الدين كانت قوته تزداد شيئًا فشيئًا، وكان ﵊ لرأفته بالخلق وتدريجه إياهم لا ينذر بالتغليظ، بل يلوح، ثم يعرض، ثم يصرح، والقرآن أكثره هكذا، وانظر آيات تحريم الخمر، واختار صاحب "الحاصل" تاج الدين الأرموي أن المتضمن للتخفيف أرجح، وتبعه البيضاوي في "المنهاج"، وهو شيء ذكره الإمام الرازي بحثًا، والأرجح خلافه. والله أعلم.