للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

لأنَّه مظنونُ الحِلِّ عنده - وذلك وجداني؛ وكلّ ما ظن حله، فهو حلال في حقّه قطعًا، والظن لم يكن في هذا الدَّليل مقدمة من المقدمتين، وإنَّما وقع في طريق الدَّليل؛ حيث كان معلومًا بالوجدان؛ كما وقع في حَقّ المرأة.

والذين رَدُّوا الجواب، ظنُّوا الظَّن أحد المقدمتين، وهو غلط؛ فإن الظَّن لم يكن مقدمة، بل كان متعلَّقَ الوجدان، وظنوا أن مستند المقدمة الثانية الإجماعُ؛ فأوردوا على الإمام أن الإجماع عنده ظني.

والإمام لم يذكر أن مستنده الإجماع، وإنما مستنده الاستقراء؛ قاله الشَّيخ صدر الدِّين بن المرحل (١)؛ وذكر أن شيخ الإسلام سيد المتأخرين "تقي الدِّين بن دقيق العيد" (٢) كان ممن يظنّ


= وقد روي في تحريمه أحاديث، أخرجه الديلمي من حديث واثلة مرفوعًا: "إن للّه في كل يوم ثلاثمائة نظرة، ولا ينظر فيها إلى صاحب الشاه" وفي لفظ: "يرحم بها عباده ليس لأهل الشاه فيها نصيب" يعني الشطرنج. وأخرج من حديث ابن عباس يرفعه: "ألا إن أصحاب الشاه في النار، الذين يقولون: قتلت واللّه شاهك"، وأخرج الديلمي أيضًا عن أنس يرفعه: "ملعون من لعب بالشطرنج" وأخرج ابن حزم وعبدان: "ملعون من لعب بالشطرنج، والناظر إليهم كالآكل لحم الخنزير" من حديث جميع بن مسلم. وأخرج الديلمي عن علي مرفوعًا: "يأتي على الناس زمان يلعبون بها، ولا يلعب بها إلا كل جبار، والجبار في النار" وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم عن علي كرَّم الله وجهه أنه قال: "النرد والشطرنج من الميسر".
قالأ بن كثير: والأحاديث المروية فيه لا يصح منها شيء، ويؤيد هذا ما تقدم من أن ظهوره كان في أيام الصحابة، وأحسن ما روي فيه ما تقدم عن علي كرم الله وجهه، وإذا كان بحيث لا يخلو أحد اللاعبين من غنم أو غرم فهو من القمار، وعليه يحمل ما قاله علي: "إنه من الميسر" والمجوِّزون له قالوا: إن فيه فائدة، وهي معرفة تدبير الحروب ومعرفة المكايد؛ فأشبه السبق والرمي. قالوا: "وإذا كان على عِوَضٍ فهو كَمالِ الرِّهانِ". ينظر نيل الأوطار ٨/ ٩٩ - ١٠٠.
(١) محمد بن عمر بن مكي بن عبد الصمد بن عطية بن أحمد، أبو عبد الله بن الخطيب زين الدين أبي حفص العثماني، المعروف بـ "ابن المرحل" وبـ"ابن الوكيل"، ولد سنة ٦٦٥، وسمع الحديث من جماعة، وحفظ كتبًا كثيرة، وتفقه على والده وعلى شرف الدين المقدسي وتاج الدين الفزاري وغيرهم، وشرع في شرح الأحكام لعبد الحق، فكتب منه ثلاث مجلدات دالات على تبحره في الحديث والفقه والأصول، ولما بلغت وفاته ابن تيمية قال: أحسن الله عزاء المسلمين فيك يا صدر الدين. مات ٧١٦. ينظر: طبقات ابن قاضي شهبة ٢/ ٢٣٣، وطبقات السبكي ٦/ ٢٣، والبداية والنهاية ١٤/ ٨٠.
(٢) محمد بن علي بن وهب بن مطيع بن أبي الطاعة القشيري، تقي الدِّين بن دقيق العيد، ولد سنة =

<<  <  ج: ص:  >  >>