وقد اعترض عليهم، بأن التقسيم والتعريف إن أفادا تمييزًا لماهية العلم عما عداها، كانا تعريفًا لها وحدًا، فلا يصح القول لعسر تحديده، وإن لم يحصل بهما تمييز للماهية لم يكونا طريقًا لمعرفتها. فلا معنى لقولهم: وطريق معرفته القسمة أو المثال. هذا ما ورد عليهم، وهو اعتراض غير وجيه، وإيراد في غير محله؛ ذلك أن المتعسر هو تحديده بالكنه، وهو لا ينافي أن يتيسر تعريفه بوجه، كالوجه الحاصل من التقسيم أو التمثيل. وليس ملازم إذا انكشف بجهة أن ينكشف بكهنه، وما ذكر يقتضي أن يكون تصور العلم بالكنه على وجه القطع متعسرًا، كغيره من سائر الحقائق الثابتة، وأما تصوره على أي وجه لمرجح يترجح به، فليس بمتعسر. بقي اعتراض آخر، وهو أن التقسيم أو المثال لم يوصّلا إلا لعلم هو اليقين، ولم يتناولا التصور، فقولهم: وطريق معرفته القسمة أو المثال - غير جامع. وهذا الاعتراض أيضًا غير موجه؛ لكونه مدفوعًا بأن التعريف مسوق على مذهب المتكلمين، وهم لا يدخلون التصور في العلم، ولكن الاعتراض الذي كان حقه أن يوجه: هو عدم شموله لعلم الله تعالى، لأنَّهُ لا يقال له اعتقاد؛ إذ هو من خواص الأجسام، وكذلك لا يقال: علمه تعالى شبيه بإدراك البصر. (١) ينظر: البرهان ١/ ١١٩ (٤١)، والحدود للباجي ص (٢٤)، والعدة ١/ ٧٦، والمعتمد ١/ ١٠، والمسودة (٥٧٥)، المستصفى ١/ ٢٥، والتعريفات للجرجاني (١٥٥)، ونشر البنود ١/ ٦١، وإرشاد الفحول ص (٤)، والبحر المحيط ١/ ٥٣، وكشف الأسرار ١/ ٧، التمهيد لأبي الخطاب ١/ ٣٦، والمنخول (٣٨)، وميزان الأصول ١/ ١٠٣ - ١٠٧، والصبان على شرح السلم (٤٢)، وفتح الرحمن ص (٤١). (٢) في أ، ح: نتوصل. (٣) في أ، ب، ج، ح: بمباحثه. (٤) في أ، ت، ح: يساعد. (٥) في ت: نقل. (٦) في ح: القسيمة.