للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَحَدُهُمَا: أَنَّ غَيْرَ الْعِلْمِ لَا يُعْلَمُ إِلَّا بِالْعِلْمِ، فَلَوْ عُلِمَ الْعِلْمُ بِغَيْرِهِ، كَانَ دَوْرًا؛ وَأُجِيبَ بِأَنَّ تَوَقُّفَ تَصَوُّرِ غَيْرِ الْعِلْمِ عَلى حُصُولِ الْعِلْمِ - بِغَيْرِهِ، لَا عَلَى تَصَوُّرِهِ؛ فَلَا دَوْرَ.

الثَّانِي: أَنَّ كُلَّ أَحَدٍ يَعْلَمُ وُجُودَهُ ضَرُورَةً، وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ حُصُولِ أَمْرٍ -

واختار في حده؛ أن يقال: إنه معرفةُ المعلوم.

قال: [من زَادَ على هذا قولَه: "على ما هو به"، فهو تأكيدٌ لأن ما ليس كذلك ليس معرفة.

[قال:] (١) ولا يَرِدُ عليه أن المعلوم مُشْتَقٌّ من العلْم، فيلزم الدور؛ كما ورد مثله في قول القاضي: الأمر هو المقتضي طاعة المأمور؛ والفرق بينهما: أن الكلام في الأمر - في أصول الفقه، وهو يعتمد الألفاظ، والكلام في العلم - في أصول الدِّينِ، وهو يعتمد المعاني (٢)، فجعل المعلوم اسمًا لما يشمل (٣) الموجود والمعدوم؛ من غير نظر إلى الاشتقاق.

وحجَّة من ادعاه ضروريًّا "من وجهين:

أحدهما: أن غير العلم لا يعلم إِلَّا بالعلم، فلو علم العلم بغيره، كان دورًا".

والجواب: أن (٤) توقُّف تصور غير العلم (٥) بغيره؛ أعني علمًا جزئيًا متعلقًا بذلك الغير، لا على تصوُّر حقيقة العلم، والذي يراد حصوله بالغير؛ إنما هو تصور حقيقة العلم، لا حُصُولُ جزئي منه، فلا دور؛ للاختلاف.

وإليه أشار بقوله: "وأجيب بأن توقّف تصور غير العلم على حصول العلم بغيره، لا على تصوره، فلا دور".

وعبارة "الشيخ الهندي" في الجواب: توقف غير العلم على العلم (٦)؛ من حيث إنه إدراك [له] (٧)، لا من حيث إنه صفة مميزة له، [وتوقف العلم على غيره؛ من حيث إنه صفة مميزة له] (٨) عما سواه، وإذا تغايرت الجهتان، فلا دور.

"الثاني"؛ وعليه عَوَّلَ الإمام في "المحصول": "أنّ كل أحد يَعْلَمُ وجودَه ضرورة"، وهو علم خاص، فإذا كان الخاص ضروريًّا، فالعام الذي هو جزؤه أولى.

"وأجيب" بأن الضروري: حصول العلم له، وهو غير تصور العلم المتنازَع فيه، وقرر "بأنه


(١) سقط في ت.
(٢) في أ، ح: المكان.
(٣) في أ، ج: يشتمل.
(٤) في ت: أنه.
(٥) في ج: تصور غير العلم على حصول العلم.
(٦) في ت: غيره.
(٧) سقط في ح.
(٨) سقط في ب.

<<  <  ج: ص:  >  >>