للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيَدْخُلُ إِدْرَاكُ الحَوَاسِّ؛ ......................................

الحد "إدراك الحواس (١) " (٢)؛ وهي خمس ظاهرة: السمع، والبصر، والشم، والذوق،


= ثانيًا: يلزم على هذا ألا يكون العلم بالإنسان مثلًا نفس صورته العقلية، ولا يكون العلم بأن زيدًا كاتب، هو إيجاب الكتابة، بل يكون العلم في القسمين صفة توجب ذلك، وهو غير المتعارف المصطلح عليه في تفسير العلم وتقسيمه إلى تصور وتصديق. ومن أجل هذا حمل بعضهم الصفة في التعريف على الصورة أو الإيجاب والسلب كما صنع شارح المقاصد.
ثالثًا: يلزم على هذا التعريف عدم انقسام العلم إلى تصور وتصديق، وذلك لأن الصفة ليست صورة ولا سلبًا ولا إيجابًا.
رابعًا: القول بالصورة فرع الوجود الذهني، فإن الصورة هي الأمر الحاصل ذهنًا، المطابق للموجود خارجًا.
والمتكلمون سيما أصحاب هذا التعريف لا يعترفون بالوجود الذهني، ولا يقولون به.
خامسًا: الإيجاب والسلب ليسا بنقيضين لارتفاعهما عند الشك، والنقيضان لا يرتفعان فلا معنى إذن لقوله: إن الصفة توجب في التصديق إيجابًا مثلًا، لا يحتمل متعلقه وهو الموضوع والمحمول نقيضه، وهو السلب. وكان ذلك يصح لو كان الإيجاب والسلب نقيضين، وليس كذلك؛ لارتفاعهما في الشك.
هذه هي الاعتراضات التي وجهت للتعريف المختار.
(١) الحواس: جمع حاسة، وهي القوة الحساسة: خمس، وكانت خمسًا لا أكثر؛ لأن العقل حاكم بوجود الخمس بالضرورة، أما الحواس الباطنية التي هي خمس أخرى فلم يحكم العقل بوجودها بالضرورة؛ بدليل الاختلاف في وجودها، فالفلاسفة أثبتوها بأدلة تتنافى مع القواعد الإسلامية، وغيرهم نفوها، أما أدلة الفلاسفة فمبنيَّة على أن النفس لا تدرك الجزئيات المادية بالذات، وعلى أن الواحد لا يصدر عنه إلا واحد أي لا يكون الواحد مبدأ لأثرين، وحاصل المبنى الأول أنهم قالوا: إن النفس لِكونها مجردة لا ترتسم فيها صور الجزئيات، وإلا لم تكن مجردة بل ترتسم في آلاتها التي هي الحواس، فإدراك الجزئيات عندهم هو ارتسام صورها في الحواس، وعلى ذلك لا بد من حس باطني لترتسم فيه تلك الصور، والحق أن النفس ترتسم فيها صور الجزئيات وإن كان الإدراك بواسطة الحس، وحيث إن الجزئيات ترتسم في النفس فلا تحتاج إلى حس باطني، أما المبنى الثاني فقد قالوا فبه: إن الواحد لا يصدر عنه إلا واحد، وعلى هذا لا بد من الحس الباطني، فيكون إدراك المعاني الجزئية ناشئًا عن مصادر مختلفة غير النفس، وتلك المصادر هي الحواس الباطنية، والحق أن الواحد يصدر عند أشياء كثيرة، فالنفس الناطقة يصدر عنها إدراك المادة وإدراك المعاني، واللّه أعلم. ينظر: مذكرات الشيخ صالح موسى شرف.
(٢) في هامش ت: الكلام في أن إدراك الحواس علم أو لا.

<<  <  ج: ص:  >  >>