للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْجَبَلَ إِذَا عُلِمَ بِالْعَادَةِ أَنَّهُ حَجَرٌ، اسْتَحَالَ أَنْ يَكُونَ حِينَئِذٍ ذَهَبًا ضَرُورَةً؛ وَهُوَ الْمُرَاد، وَمَعْنَى التَّجْوِيزِ الْعَقْلِيِّ أَنَّهُ لَوْ قُدِّرَ، لَمْ يَلْزَمْ مِنْهُ مُحَالٌ لِنَفْسِهِ، لَا أَنَّهُ مُحْتَمَلٌ.

"وأجيب؛ بأن الجبل إذا علم بالعادة أنه حَجَرٌ، استحال حينئذٍ"؛ أي: حِينَ إِذْ (١) تعلّق العلم به "أن يكون ذَهَبًا" في الخارج، وفي العقل (٢) "ضرورة"؛ لاستحالة اجتماع النقيضين (٣) وهما: كونه حجرًا أو غير حَجَرٍ، "وهو المراد"؛ من عدم احتمال النقيض.

"ومعنى التجويز العقلي: أنه لو قدر" مقدِّر نقيضَ متعلَّق العلم، "لم يلزم منه"؛ أي: من تقديره "محال لنفسه" لا يمكن لذاته، "لا أنه محتمل" (٤)؛ أي: ليس معنى التجويز: أن نقيض متعلَّق العلم يحتمل وقوعه بوجه؛ فحينئذٍ جاز كون النّقيض مركبًا في نفسه، ولا يحتمل وقوعه لغيره؛ فلا (٥) يلزم من التجويز العقلي الاحتمال؛ فتدخل (٦) العلوم العادية تحت الحدِّ.

ولقائل أن يقول: إذا تعلق العلم بكونه حجرًا، فالمستحيل إنما هو تعلّق العلم - والحالة هذه - بأنه ذهب، لا كونه ذهبًا في نفس الأمر، فرُبّ معلومٍ بالعادة، وقد خُرقت العادة فيه (٧)، ولم يعلم العالم به بخرقها، وهو عالم بالعادة، مع وقوع خلافها في نفس الأمر، وهذا كما أن القمر، لما انشق للنبي ، كان الحاصل عند من لم يَرَهُ في ذلك الوقت، ولم يبلغه انْشِقَاقُهُ - أنه غير منشقٍّ، بل هو على المعتاد، فكان (٨) العلم العادي (٩) حاصلًا (١٠) بأنه غير منشقٍّ في ذلك


(١) في ت: حين.
(٢) في حاشية ج: قوله: وفي العقل لو نظر لهذا لم يكن للإيراد بقوله: ولقائل … إلخ وجه. تأمل.
(٣) في حاشية ج: قوله: "لاستحالة اجتماع النقيضين" أي: في العلم العادي؛ إذ لا يمكن علمه عادة حجرًا، مع علمه عادة ذهبًا.
(٤) في حاشية ج: قوله: "أنه محتمل" أي: مع وجود نقيضه، وهو علم أنه حجر.
(٥) في ت: ولا.
(٦) في ت: فيدخل.
(٧) في حاشية ج: قوله: معلوم بالعادة وقد … إلخ، ليس الكلام فيه بل في الباقي عليه كما في المقابل.
(٨) في ب، ت: وكان.
(٩) في حاشية ج: قوله: فكان العلم العادي … إلخ، قد يقال: العلم العادي الحاصل هو العلم بأنه غير منشق مطلقًا، لا بأنه غير منشق معجزة؛ إذ لا دخل للعادة في هذا، فالكلام في العلم العادي ما دامت العادة، وهي ما دامت لم يكن منشقًا. فليتأمل.
وأجاب الغزي على المواقف بأن المراد عدم احتمال النقيض ما دام ذلك الشيء وهو واقع في العلوم العادية؛ لبقاء موجب التميز، أما إذا تبدل المتعلق، فتبدل التميز هو العلم وبقاؤه جهل، فاحتمال =
(١٠) في ح: حاصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>