الشاعر: مَا بَعْثُكُمْ مُهْجَتِي إِلَّا بِوَصْلِكُمُ … وَلا أُسْلِمُها إِلَّا يَدًا بِيَدٍ فَإِنْ وَفيْتُمْ بِمَا قُلْتُمْ وَفَيْتُ أَنَا … وَإنْ غَدَرْتُمْ فَإِنَّ الرَّهْنَ تَحْتَ يَدِيْ ولفظ "البيع" في الأصل مصدر فلذا أفرد، وإن كان تحته أنواع، ثم صار اسمًا لما فيه مقابلة، ثم هو مصدر باع، قال صاحب المختار: ""بَاعَ" الشيءَ يَبِيعه "بَيْعًا" وَ"مَبِيعًا" شَرَاه، وهو شاذ، وقياسه مَبَاعًا و"بَاعَه"، اشتراه، فهو من الأضداد، وفي الحديث: "لَا يَخْطُبُ الرَّجُلُ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ وَلَا يَبِعْ عَلَى بَيْع أَخِيهِ" أي: لا يشتر على شراء أخيه؛ لأن النهي وقع على المشتري لا على البائع، والشيء "مَبِيْعٌ" و"مَبْيُوعٌ" مثل مَخِيط ومَخْيوطٌ. ويقال للبائع والمشتري: "بَيّعان" بتشديد الياء و"أباع" الشيء عرضه للبيع و"الابتياع" الاشتراء، ويقال: "بِيعَ" الشيء على ما لم يسم فاعله بكسر الباء، ومنهم من يقلب الياء واوًا فيقول: "بُوعَ" الشيء". وشرعًا: تارة يلحظ فيه أحد شقي العقد الذي يسمى من يأتي به بائعًا، فيعرف بأنه تمليك بعوض على وجه مخصوص. وتارة يلحظ فيه أحد شقي العقد الذي يسمى من يأتي به مشتريًا، فيعرف بأنه تملك بعوضن على وجه مخصوص. وتارة يلحظ فيه المركب من الشقين، فيعرف بأنه عقد معاوضة مالية تفيد ملك عين أو منفعة على التأبيد لا على وجه القربة، فقولنا: "عقد" جنس، وشأنه الإدخال، لكن إذا كان بينه وبين فصله عموم وجه فيخرج بكل منهما ما دخل في عموم الآخر؛ ولذلك قالوا: خرج بالعقد المعاطاة، وبالمعاوضة نحو الهدية، وبالمالية نحو النكاح، وبإفادة ملك العين الإجارة، وبغير وجه القربة القرض، والتقييد بالتأبيد؛ لتخرج الإجارة أيضًا، وإخراج الشيء الواحد بقيدين غير معيب، وهذا أولى من التعريف بأنه: مقابلة مال بمال على وجه مخصوص؛ لأنه من التعريف بالأعم المحال على مجهول، ولو عرف أيضًا بأنه عقد معاوضة محضة تقتضي ملك عين أو منفعة على الدوام لا على وجه القربة لكان وافيًا بالمقصود، فخرج بالمعاوضة الهبة، وبالمحضة النكاح، وبملك العين الإجارة، وبغير وجه القربة القرض، والمراد بالمنفعة المؤبدة بيع حق الممر للماء مثلًا؛ لأنه لا يصل الماء إلى محله إلا بواسطة ملك غيره. ينظر: كشاف القناع ٣/ ١٤٦، وفتح القدير ٦/ ٢٤٦، والاختيار ٣، ونهاية المحتاج ٣/ ٣٧٢، ومغني المحتاج ٢/ ٢، ومواهب الجليل ٤/ ٢٢٢، وشرح الخرشي ٥/ ٤، والمغني ٣/ ٥٦٠. (١) في ت: مثبتًا. (٢) في ج: بين.