للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قَالُوا: تَعْرِيفُ الْمُعَرَّفِ؛ قُلنا: عَلَامَةٌ ثَانِيَةٌ.

واضحٌ، فقد تحصل المطابقة بأحد اللفظين دون الآخر؛ وكذلك الوزنُ؛ كقول الشاعر: [الطويل]

فَلَا الجُودُ يُفْنِي الْمَالَ وَالْجَذُ مُقْبِلٌ … وَلَا الْبُخْلُ يُبْقِي الْمَالَ وَالْجَدُّ مُدْبِرُ (١)

وإنما يتصور ذلك، إذا كان أحدهما موضوعًا بالاشتراك لمعنى آخر يحصل باعتباره التقابل (٢)، دون صاحبه.

قال القاضي عضُد الدِّين: كما قيل: خَسُّنا (٣) خير من خَسِّكم، وقيل في مقابلته: خَسُّنا خير من خِيَارِكُم، فوقع (٤)، التَّقَابلُ بين الخسّ والخيار؛ بوجه، ووقع بينهما المُشَاكلةُ؛ بوجْه آخر، ولو قال: خير من قِثَّائكُم، لم يحصل التَّقَابُل (٥).

الشرح: "قالوا": التَّرادُف: "تعريف المعرَّف"؛ لأن اللَّفظ الثَّاني تعريفٌ لما عرَّفَ الأوَّلُ؛ وذلك محال.

"قلنا": بل "علامة ثانية" (٦)، ويجوز أن يكون للشَّيء علاماتٌ؛ وهذا على تقدير أن يكون الوضع من واحد مرتَّبًا، أما إن كان من واضعين أو واحدِ دفعةً واحدةً، فلا يُتخيل تعريف المعرَّف أصلًا.


(١) البيت في معاهد التنصيص ١/ ٢٠٧، وهو شاهدٌ على حسن المقابلة.
(٢) في حاشية ج: التقابل: ذكر معنيين متقابلين.
(٣) في حاشية ج: قوله: "خسنا خبر من خسكم" هذا قاله مصري لبغدادي، فقال البغدادي في جوابه: خسنا خير من خياركم، فوقع التقابل بين الخس والخيار بوجه، وهو أن يراد بالخس الخسيس، وبالخيار خلاف الأشرار، ووقع بينهما المشاكلة أيضًا بوجه آخر، وهو أن يراد بالخس النبت المعروف، وبالخيار القثاء، والمراد بالمشاكلة هو التناسب، أعني جمع أمر مع ما يناسبه لا بالتضاد لا المصطلح عليها. سيد.
(٤) في حاشية ج: قوله: "فوقع التقابل … " إلخ والأولى بدل التقابل المطابقة على ما هو المعروف عند علماء البديع. وقوله: "المشاكلة إطلاقها على الجمع بين المعنيين المتوافقين كالخس بمعنى البقل، والخيار بمعنى القثاء، إنما هو باعتبار اللغة، وإلا فهي: ذكر الشيء بلفظ غيره لوقوعه في صحبته.
(٥) ينظر: العضد ١/ ١٣٦.
(٦) في أ، ح: ما بينه.

<<  <  ج: ص:  >  >>