للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَبِأَنْ يَتبَادَرَ غَيْرُهُ؛ لَوْلَا الْقَرِينَةُ عَكْسَ الْحَقِيقَةِ؛ وَأُورِدَ الْمُشْتَرَك، فَإِنْ أُجِيبَ بِأَنَّهُ يَتَبَادَرُ غَيْرُ مُعَيَّنٍ، لَزِمَ أَنْ يَكُونَ الْمُعَيَّنُ مَجَازًا.

قال المصنّف: "وهو دَوْر"؛ لأن إطلاق اللَّفظ على المَعْنَى دليلُ صدقه (١) عليه، وصحة نفيه مَوْقُوفَةٌ على معرفة كون الإطلاق مجازًا، فلو عُرِفَ كون الإطلاق مجازيًّا بصحة النفي، دار.

واعترض عضُد الدِّين (٢)؛ بأن الدور إنما يصح إذا أطلق اللَّفظ لمعنى، ولم يدر أحقيقة فيه أم مجاز؟.

أما إذا (٣) عُلِم معناه الحقيقي والمجازي، ولم يُعْلَم أيهما المراد، فحينئذٍ يمكن أن يعلم بصحَّة نفي المَعْنَى الحقيقي عن المورد؛ أن المراد هو المعنى المجازيُّ، [أي] (٤): فيعلم أنه مجاز.

الشرح: "وبأن يتبادر" إلى الفهم "غيره؛ لولا القرينة عكسَ الحقيقة"؛ فإنها تعرف بألّا يتبادر غيرُها؛ لولا القرينة.

"وأورد المشتركُ"؛ ويمكن تقرير إيراده على وجهين:

أحدهما: لو كان علامةُ الحقيقة التبادُرَ، لتبادر الفهم في المشترك.

والثاني: لو كان علامة المَجَازِ تبادر الغيرِ، لتبادَرَ؛ إذا استعمل المشترك في معناه المجازي.

"فإن أجيب" عنهما، "بأن يتبادر" واحد من الحقيقة "غيرُ معيَّن - لزم أن يكون المعيَّنُ" من معانيه "مجازًا"؛ لعدم تبَادره.

ولك أن تقول: المدَّعى في الحقيقة ألّا يتبادر غيرها، لا أن يقع التبادُرُ فيها، والمشترك لا يتبادر (٥) فيه غيرُ الحقيقة، وإنما الذهن يتردد في معانيه، والمدَّعى في المجاز تبادرُ الغَيْرِ، وهو حاصل قولكم: إنما يتبادر المبْهَمُ.


(١) في ب: صدق.
(٢) ينظر: العضد ١/ ١٤٧.
(٣) في حاشية ج: قوله: "أما إذا علم معناه الحقيقي والمجازي … " إلخ أي: علم أن له معنى حقيقيًّا ومعنى مجازيًا ولم يعلم أيهما المراد. قوله: "عن المورد" أي: المحل الذي ورد فيه الكلام.
(٤) سقط في ج.
(٥) في حاشية ج: قوله: لا يتبادر فيه غير الحقيقة، وإن لم يتبادر فيه بعض الحقيقة كالمعين. تأمل.

<<  <  ج: ص:  >  >>