للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَبِعَدَمِ اطِّرَادِهِ، وَلَا عَكْسَ؛ وَأُورِدَ: السَّخِيُّ، وَالْفَاضِلُ؛ لِغَيْرِ اللهِ، وَالْقَارُورَةُ؛ لِلزُّجَاجَةِ؛ فَإِنْ أُجِيبَ بِالْمَانِعِ، فَدَوْرٌ، وَبِجَمْعِهِ عَلَى خِلَافِ جَمْعِ

قلنا: مسلَّم قولكم؛ فيلزم كون المعيَّن (١) مجازًا - ممنوعًا؛ وهذا لأن المتبادر (٢) حينئذٍ واحدٌ مشخَّص في نفس الأمر، وهذا كاف، وإن لم تعرف (٣) عينه.

الشرح: "و" يعرف المجاز "بعدم اطّراده"؛ فإنك تقول: ﴿وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ﴾ [سورة يوسف: الآية، ٨٢]، ولا تقول: واسأل البساط، وإن وجد فيه المعنى المقثضى للتجوُّز في: ﴿وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ﴾ [سورة يوسف: الآية ٨٢]؛ وهذا يشهد لمن يقول: المجاز يحتاج إلى النقل، وإلا فلم (٤) لا يطرد، والمعنى قائم؛ "ولا عكس" لهذه العلامات، فلا يكون الاطِّرَاد دليل الحقيقة؛ إذ قد يوجد مجازٌ مطَّرد؛ كالأسد للشُّجاع.

"وأورد" على هذه العلامة "السّخي، والفاضل" موضوعان للجَوَادِ والعالِمِ، ولا يقالان إلا "لغير اللهِ" تعالى؛ مع أنه - تعالى - جوادٌ وعالِم.

"والقارورةُ"؛ فإنها موضوعة "للزجاجة"؛ لاستقرار الشَّيء فيها، ولا يقال لكلِّ ما يستقر فيه الشيءُ؛ كالكُوزِ - مثلًا - قارورةٌ؛ فهذه (٥) حقائق غير مطردة.

"فإن أجيب" عن عدم اطِّرادها؛ "بالمانع" الشَّرْعيِّ في الأولَيْن؛ إذ أسماء الله تَوْقِيفِيَّة (٦)،


(١) في أ، ج: المعنى.
(٢) في أ، ت، ج، ح: المبادر.
(٣) في ت: نعرف.
(٤) في حاشية ج: قوله: "فلم لا يطرد والمعنى قائم؟ " قد يقال: لما رأيناهم يقولون: واسأل القرية ولا يقولون: واسأل البساط، علمنا أن هناك خصوصية وإن لم نطلع عليها.
(٥) في ب، ت،: وهذه.
(٦) أي لا يطلق عليه اسم إلا بتوقيف من الشارع بأن يرد به الكتاب أو السنة أو الإجماع، وهذا مذهب الأشعري ومن تبعه، وصححه السبكي. وقالت المعتزلة: يجوز أن تطلق عليه الأسماء اللائق معناها به تعالى وإن لم يرد بها الشرع، ومال إليه الباقلاني فقال: كل لفظ دل على معنى ثابت لله تعالى يجوز إطلاقه عليه بلا توقيف إذا لم يكن موهمًا، فمن ثم لم يجز إطلاق عارف وفقيه ونحوهما، وذهب الإمام الغزالي إلى جواز إطلاق ما علم اتصافه به على طريق التوصيف دون التسمية؛ لأن إجراء الصفة إخبار بثبوت مدلولها؛ فيجوز عند ثبوت المدلول إلا لمانع، بخلاف التسمية فإنها تصرف في المسمى، وهو تعالى منزه عمن يتصرف فيه اهـ. وفي شرح المواقف: ليس الكلام في الأسماء والأعلام الموضوعة في اللغات، بل في الأسماء المأخوذة من الصفات والأفعال اهـ. وقال =

<<  <  ج: ص:  >  >>