ولم يَرِدْ هذان، واللغويِّ في الثالث؛ فإن اللغة منعت إطلاق القَارُورَةِ على غير الزُّجَاجة - "فدور"؛ فإن عدم اطراده لا بُدَّ له من سبب، وهو: إما العلم بكونه مجازًا، أو الشرعِ، أو اللغةِ، والأخيران منتفيان بالفرضِ؛ فتعيَّن الأول.
ووضح أن عدم الاطِّرَاد إنما يكون دليلًا على المجاز، إذا علم أنه مجاز، فلو علم أنه مجاز؛ بعدم الاطّراد - كان دورًا.
ولك أن تقول: السَّخي، لما دار بين كونه لِلْجَوَاد المطلق، أو للجواد ممن شأنه البُخْل، ثم وجدناه لا يطلق على الله - تعالى -، مع أنه ذو الجود الأعظم - علمنا أنّ السخي ليس إلا الجوادَ المقيّد؛ ويوضح هذا أن أحدًا لم يطلق السخيَّ على الله - تعالى -، وإن كان من الذاهبين إلى أن الأسماء توقيفيةٌ؛ وكذا القول في الأخيرين؛ فلم يلزم دَوْرٌ، ولا نَقْضٌ.
"و" يعرف المجاز أيضًا "بجَمْعِهِ على خلاف" صيغةِ "جمعِ الحقيقةِ؛ كأمورٍ جمعَ أمر؛ للفعل"، "ويمتنع أوامر" الذي هو جمع للأمر؛ بمعنى الأمر الذي هو حقيقة فيه؛ باتفاق، فنقول: هو في الفعل مَجَاز؛ لمخالفته في الجمع، "ولا عكس"؛ إذ المجاز قد لا يجمع؛ بخلاف جمع الحقيقة؛ كالأسد.
"و" يعرف أيضًا "بالتزام تقييده"؛ فلا يستعمل في ذلك المَعْنَى عند الإطلاق؛ "مثلُ: ﴿جَنَاحَ الذُّلِّ﴾ [سورة الإسراء: الآية، ٢٤] ونَارِ الحَرْب"، وإنما قال: بالتزام تقييده، ولم يقل: بتقييده؛ ليحترز من المشترك؛ فإنه قد يقيد؛ كما يقال: العينُ الجارية، لكن لا لزومًا.
الشرح:"وبتوقفه على المسمى الآخر؛ مثلُ: ﴿وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ﴾ [سورة آل عمران: الآية ٥٤] "؛ فإن مكْر الله مَجَاز، وإطلاقه مسبوق بإطلاق المكر منهم.
"واللَّفظ قبل الاستعمال، ليس بحقيقة ولا مجاز"؛ إذ الاستعمال أحد قيود الحقيقة والمجاز؛ كما سلف.
= السعد في المقاصد: محل النزاع ما اتصف الباري تعالى بمعناه ولم يرد إذن به وكان مشعرًا بالجلال من غير وهم بالإضلال.