للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

﴿فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ﴾ [سورة البقرة: الآية، ١٩٤]، ﴿سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا﴾ [سورة الشورى: الآية، ٤٠]؛ وَهُوَ كَثيرٌ.

قَالُوا: الْمَجَازُ كَذِبٌ؛ لأِنَّهُ يَنْتَفِي، فَيَصْدُقُ؛ قُلْنَا: إِنَّمَا يَكْذِب، إِذَا كَانَا مَعًا لِلْحَقِيقَةِ.

إذ يصير مَجَازَ حَذْفٍ، وابنُ داود لا ينكره؛ كما عرفت.

قال: " ﴿[جِدَارًا﴾ يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ﴾ [سورة الكهف: الآية، ٧٧] "؛ أي: ولا إرادة للجدار.

وقوله تعالى: ﴿فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ﴾ [سورة البقرة: الآية، ١٩٤] "؛ في مجاز المُقَابلة.

﴿وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا﴾ [سورة الشورى: الآية، ٤٠] " كذلك؛ "وهو كثير".

وقيل: إن القِصَاصَ يسمى اعتداءً حقيقةً، يقال: عَدَا عليه، إذا أوقع به الفعل المُؤْلِمَ، والسَّيئة ما تَسُوءُ (١) مَنْ نَزَلَتْ به.

وعلى هذا لم يَسْلَمْ للمصنِّف من الآيات إلا (يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ)؛ وهو نصّ في مجاز الاستعارة الذي فيه الخلافُ بلا رَيْبٍ؛ وعليها اعتمد المحقِّقون.

قال ابن القُشَيْرِيِّ: ومن زعم الجدار يريد حقيقة، فقد عَانَدَ (٢).

الشرح: "قالوا: المجاز كَذب؛ لأنَّهُ ينتفي، فيصدقُ"؛ كقولنا: البليد ليس بحمار، وإذا كان انتفاؤه صدقًا، كان إثباته كذبًا؛ والقرآن منزَّه عن الكذب.

"قلنا: إنما يكذب" المجاز؛ باعتبار الإيجاب، والنفي، "إذا كانا معًا للحقيقة"، أو للمجاز.

أما [إذا] (٣) نُفِيَ المعنى الحقيقي، وأثبت المَجَازِيّ، [أو بالعكس] (٤) - فلا؛ لعدم التوارد على مَحَلّ واحد.


(١) في ج، ح: يسوء.
(٢) ينظر: الجواليقي ص (٥)، والمزهر ١/ ٢٦٦، ومعترك الأقران ١/ ١٩ والإتقان ٢/ ١٠٥، والعضد ١/ ١٧٠، والإحكام للآمدي ١/ ٧١، وفواتح الرحموت ١/ ٢١٢ وحاشية البناني على جمع الجوامع ١/ ٣٢٦، والتبصرة (١٨٠)، وإرشاد الفحول (٣٢)، والمسودة (١٧٤)، وشرح الكوكب المنير ١/ ١٩ ولأبي حيان - صاحب البحر المحيط في التفسير - كتاب في بيان المعرب نشره عالم الكتب.
(٣) سقط في ج، ح.
(٤) سقط في ب.

<<  <  ج: ص:  >  >>