للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإجْمَاعُ الْعَرَبِيَّةِ؛ عَلَى أَن نَحْوَ: (إِبْرَاهِيمَ) مُنِعَ مِنَ الصَّرْفِ لِلْعُجْمَةِ وَالتَّعْرِيفِ - يُوَضِّحُه، الْمُخَالِفُ: بِمَا ذُكِرَ فِي الشَّرعِيَّةِ؛ وَبِقَوْلِهِ: ﴿أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ﴾ [سورة فصلت: الآية، ٤٤]؛ فَنَفَى أَنْ يَكُونَ مُتَنَوِّعًا؛ وَأجِيبَ بأَنَّ الْمَعْنِيَّ مِنَ السِّيَاقِ: أَكَلَامٌ أَعْجَمِيٌّ، وَمُخَاطَبٌ عَرَبِيٌّ، لَا يَفْهَمُهُ؟؛ وَهُمْ يَفْهَمُونَهَا، وَلَوْ سُلِّمَ نَفْيُ التَّنْوِيعِ، فالْمَعْنَى: أَعْجَمِيٌّ لَا يفْهَمُهُ.

"وإجماع" [أهل] "العربية؛ على أن نحو: (إبراهيم) مُنِعَ من الصرف لِلْعُجْمَةِ، والتعريف - يوضِّحه"؛ أي: يوضح وقوعَ المعرَّب، [وهو] وهم؛ فإن الأعلام لا خلاف فيها؛ كما عرفت.

واحتج "المُخَالف؛ بما ذكره في الشرعية"؛ من أنها لو وقعتْ في القرآن، لاشتمل على غير العربي - وقد مَرَّ -؛ وبأنه لو وقع، لانقسم (١) القرآن إلى أعجمي وعربي، "و" الله قد صانه عن ذلك؛ "بقوله: ﴿أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ﴾ [سورة فصلت: الآية، ٤]؛ أي: أكلامٌ بعضه أعجميٌّ، وبعضُه عربيٌّ؟ "فنفى (٢) أن يكون متنوِّعًا" (٣).

"وأجيب بأن المعنى من السِّياقِ" الواقعِ في الآية هكذا: "أكلامٌ أعجميٌّ، ومخاطبٌ عربيٌّ لا يفهمه؟، وهُمْ" كانوا "يفهمونها".

والحاصل: أن المصنِّف منع نفي التَّنويعِ (٤) ثم قال: "ولو سلِّم نفي التنويع" (٥)؛ فليس المراد نفي كلّ تنويع، بل التنويع الواقع بين أعجميٍّ غيرِ مفهومٍ وعربيٍّ، "فالمعنى: أعجميٌّ لا يفهمه".

واعلم أن ابن قتيبة (٦) وابن جِنِّي (٧) قالا: الأعجميُّ مَنْ لا يُفصِحُ بالكلام، عَجَميًّا كان، أو


(١) في ت: لا يسلم.
(٢) في أ، ح: فبقى.
(٣) في أ، ح: متبوعًا.
(٤) في أ، ت، ح: التسويغ.
(٥) في أ، ت، خ: التسويغ.
(٦) عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري، أبو محمد، من أئمة الأدب، ولد بـ "بغداد" في سنة ٢١٣ هـ من كتبه: "تأويل مختلف الحديث"، و"أدب الكاتب"، و"المعارف"، و"عيون الأخبار"، و"الاشتقاق"، و"مشكل القرآن"، و"العرب وعلومها"، و"تفسير غريب القرآن"، وغير ذلك كثير. توفي سنة ٢٧٦ هـ. ينظر: وفيات الأعيان ١/ ٥١ والأنباري ٢٧٢، ولسان الميزان ٣/ ٣٥٧، وآداب اللغة ٢/ ١٧٠، ومجلة المجمع ٢٦/ ٢٣٨، ودائرة المعارف الإسلامية ١/ ٢٠٦، ومجلة الكتاب ٥/ ٨٠٥، والأعلام ٤/ ١٣٧.
(٧) عثمان بن جني الموصلي، أبو الفتح، من أئمة الأدب والنحو، وله شعر. ولد بـ "الموصل" وتوفي بـ "بغداد" عن نحو ٦٥ عامًا، وكان أبوه مملوكًا روميًا لسليمان بن فهد الأزدي الموصلي. من =

<<  <  ج: ص:  >  >>