للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُمْكِنًا، اشْتُرِطَ؛ الْمُشْتَرِطُ: لَوْ كَانَ حَقِيقَةً، وَقَدِ انْقَضَى، لَمْ يَصِحَّ نَفْيُهُ؛ أُجِيبَ: بِأَنَّ الْمَنْفِيَّ الْأَخَصُّ؛ فَلَا يَسْتَلْزِمُ نَفْي الْأَعَمِّ؛ قَالُوا: لَوْ صَحَّ بَعْدَه، لَصَحَّ قَبْلَهُ؛ أُجِيبَ إِذَا كَانَ

الآن موجودةٌ منه، فذلك لا يقوله عاقلٌ.

قال أبي : وليس هو أيضًا في الصِّفاتِ القارَّة المحسوسة؛ كالسَّوَاد، والبياض؛ فإنا على قطع بأن اللغويَّ لا يُطْلِقُ على الأبيض بعد اسْوِدَادِهِ؛ أنه أبيض.

وقد ادَّعى الآمديُّ الإجماع؛ على أنه لا تجوز (١) تسميةُ النَّائم قاعدًا، والقاعد نائمًا (٢)؛ وهذا واضح في اللّغة، وإنما الخلاف في الضرب ونحوه من الأفعال المنقضية؛ فإطلاق المشتق على محلّها من باب الأحكام؛ فلا يبعد إطلاقه حالَ خُلُوِّه عن مفهومه؛ لأنَّهُ أمر حكميٌّ.

ومن هنا؛ يتبين وجه انفصال الماضي عن المُسْتقبل؛ حيث كان إطلاقه باعتبار الماضي أولى؛ لأن من حصل منه الضربُ ماضيًا، قد يستصحبُ حبهمه؛ بخلاف مَنْ لم يحصل منه؛ إذ لم يثبت له حكم، فيُسْتَصْحبَ.

احتج "المشترِطُ"؛ بأنه "لو كان" صدق الضَّارب مثلًا على مَنْ صدر منه الضَّرْبُ؛ "حقيقةً، وقد انقضَى - لم يصحَّ نفيه"؛ لكنه (٣) يصح نفيه في الحال؛ فإنا نعلم ضرورة؛ أنَّ من انقضى عنه الضرب ليس بضارب الآن، وإذا (٤) صَحَّ نفيه في الحال، صَحَّ مطلقًا؛ إذ صِدْقُ الخاصِّ مستلزم لصدق العامِّ.

"وأجيب: بأن المنفيَّ" هو "الأخصُّ"؛ أي: الضربُ (٥) في الحال؛ "فلا يستلزم نفي الأعمِّ"؛ وهو مطلق الضرب؛ فإذن: إن أريد بصحة النفي مطلقًا صِدْق: ليس بضارب في كل وقتٍ - ففاسدٌ، أو صدقَ نفْيِ ضربٍ ما، فحقٌّ؛ ولكن لا يلزم منه النَّفي في الماضي.

"قالوا: لو صحَّ" أن يقال لمن ضَرَبَ "بعده؛ أي: بعد انقضاء الضَّرْب: إنه ضارب - "لصحَّ قبله؛ أي: قبل وجود الضرب؛ [بجامع وجود الضَّرْب] (٦) في غير الحال، واللازم باطل؛ بالاتِّفَاق.


(١) في أ، ج، ح: يجوز.
(٢) ينظر: الإحكام ١/ ٥٣.
(٣) في أ، ب: إذ.
(٤) في ب: وإنما.
(٥) في ت: الضرر.
(٦) سقط في ت، ج.

<<  <  ج: ص:  >  >>