للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الضَّارِبُ مَنْ ثَبَتَ لَهُ الضَّرْب، لَمْ يَلْزَم.

النَّافِي: أَجْمَعَ أَهْلُ الْعَرَبِيَّةِ عَلَى صِحَّةِ: (ضَارِبٌ أَمْسِ)؛ وَأَنَّهُ اسْمُ فَاعِلٍ؛ أُجِيبَ: مَجَازٌ؛ كَمَا فِي الْمُسْتَقْبَلِ؛ بِاتِّفَاقٍ، قَالُوا: صَحَّ: (مُؤْمِنٌ وَعَالِمٌ)؛ لِلنَّائِم؛ أُجِيبَ: مَجَازٌ لامْتِنَاعِ (كَافِرٌ) لِكُفْرٍ تَقَدَّمَ.

"أجيب" بالفَرْقِ (١) بأنه "إذا كان الضَّارب من ثَبَتَ له الضربُ"، [وهو كذلك - "لم يلزم" من صحة إطلاقه باعتبار الماضي - إطلاقُهُ باعتبار المستقبل؛ وللخصم منع أن الضاربَ لغةً مَنْ ثبت له الضَّرب] (٢)، وادعاءُ أنه مَنْ له الضرب، وهو أعمُّ من المستقبل.

الشرح: واحتج "النَّافِي" للاشتراط؛ بأنه قد "أجمع أهل العربية على صِحَّة: ضاربٌ أمس؛ فإنه اسم فاعل"، مع انقضاء الضرب.

"أجيب" بأنه "مجازٌ، كما في المستقبل؛ [باتفاف] "، وليس من لازم الصحَّة أن يكون حقيقةً.

"قالوا: صح (٣) عالم، ومؤمن؛ للنائم"، وليس العلم والإيمان حاصلَيْن حالة النوم.

"أجيب: مجاز؛ لامتناع" إطلاق "كافر" على مسلم الآن؛ "لكفر تقدَّم" منه.

لا يقال: الشرع مَنَعَ من هذا الإطلاق؛ فلا دليلَ من الشَّرْع عليه، ثم كلامنا في أمر لغويٍّ،


(١) الفرق لغةً: قال الجوهري: فرقت بين الشيئين أفرق فرقًا وفرقانًا، وفرقت الشيء تفريقًا وتفرقة فانفرق، وافترق وتفرق، وأخذت حقي منه بالتفاريق.
قال القرافي: سمعت بعض مشايخي الفضلاء يقول: فرقت العرب بين فرق بالتخفيف وفرَّق بالتشديد: الأول في المعاني، والثاني في الأجسام، ووجه المناسبة فيه أن كثرة الحروف عند العرب تقتضي كثرة المعاني أو زيادته أو قوته، والمعاني لطيفة، والأجسام كثيفة فناسبها التشديد، وناسب المعاني التخفيف، مع أنه قد وقع في كتاب الله تعالى خلاف ذلك، قال الله تعالى: ﴿وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ﴾ فخفف في البحر، وهو جسم، وقال تعالى: ﴿فَافْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ﴾ وجاء على هذه القاعدة قوله تعالى: ﴿وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ﴾ وقوله تعالى. ﴿فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ﴾ وقوله تعالى: ﴿تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ﴾.
وقال: لا تكاد تسمع من الفقهاء إلا قولهم: ما الفارق بين المسألتين؛ ولا يقولون: ما المفرق بينهما بالتشديد؛ وتقتضي هذه القاعدة أن يقول السائل: أفرق لي بين المسألتين، ولا يقول: فرق لي، ولا بأي شيء تفرق؟ مع أن كثيرًا يقولونه في الأفعال دون اسم الفاعل.
(٢) سقط في ت.
(٣) في ب: لو صح.

<<  <  ج: ص:  >  >>