للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالُوا: رَدَّ [] عَلَى قَائِلِ: (وَمَنْ عَصَاهُمَا، فَقَدْ غَوَى)؛ وَقَالَ: (قُلْ: وَمَنْ عَصَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ)؛ قُلْنَا: لِتَرْكِ إِفْرَادِ اسْمِهِ بِالتَّعْظِيمِ؛ بِدَلِيلِ أَنَّ مَعْصيتَهُمَا لَا تَرْتِيبَ فِيهَا.

"قلنا: لو كان له" - أي: الترتيب - "لما احتيج إلى (ابْدَءُوا) "؛ لمعرفتهم الترتيب من الواو؛ فإذن الحديث عَلَيْكُمْ، لَا لَكُمْ.

الشرح: "قالوا: رد" النَّبِيّ " على قائلِ": (من يطع الله ورسوله، فقد رَشَدَ، "ومن عصاهما"؛ كذا بخط المصنِّف.

ولفظ الحديث (ومن يعصهما "فقد غوى)، وقال": (بِئْسَ الخَطِيبُ أَنْتَ؛ "قُلْ: وَمَنْ عَصَى) (١) "؛ كذا بخطّ المصنّف، واللَّفظُ: (يعصِ "الله ورسوله) "؛ رواه مسلم، فلو لم تكن للترتيب، لم يكن فرق بين ما أمره به، وما نهاه عنه.

"قلنا": ليس اللَّوم للترتيب؛ بل "لترك إفراد اسمه"؛ أي: اسمِ الله "بالتَّعظيم؛ بدليل أن معصيتهما لا ترتيبَ فيها"، وكلٌّ منهما مستلزمةٌ للأخرى.

فإن قلت: كيف قال المصنّف: (معصيتهما) عَقِبَ سماع اللَّومِ على الجمع بين الله ورسوله في ضمير واحد.

قلت: لَوْمُ الخطيبِ؛ إنَّما كان لأن مَقَامَهُ (٢) - وهي العظة والخطابة - يقتضي التوسُّع في الكلام؛ فكان المناسبُ فيه الإفراد؛ تعظيمًا، ولا كذلك أماكنُ الاختصار؛ كـ (مختصر ابن الحاجب)؛ وفي القرآن: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ﴾ [سورة الأحزاب: الآية، ٥٦].

وفي الحديث: "ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ، وَجَدَ حَلَاوَةَ الإِيمَانِ: مَنْ كَانَ اللهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا .. " (٣).


(١) أخرجه مسلم ٢/ ٥٩٤ في كتاب الجمعة، باب تخفيف الصلاة والخطبة (٤٨/ ٨٧٠) وأخرجه أبو داود ١/ ٢٨٨ في الصلاة باب الرجل يخطب على قوس؛ حديث (١٠٩٩) وفي ٤/ ٢٩٥ حديث (٤٩٨١)، وأخرجه النسائي ٦/ ٩٠ كتاب النكاح، باب ما يكره في الخطبة حديث (٣٢٧٩)، وأحمد في المسند ٤/ ٢٥٦ وأخرجه الحاكم في المستدرك ١/ ٢٨٩، والطحاوي في مشكل الآثار ٤/ ٢٩٦ والبيهقي في السنن الكبرى ١/ ٨٦، ٣/ ٢١٦.
(٢) قوله: لأن مقامه … إلخ يدل على هذا قوله : "بئس الخطيب دون المتكلم" حيث علق الذم بالخطابة.
(٣) أخرجه البخاري (١/ ٩١) كتاب الإيمان: باب حلاوة الإيمان (١٦) وفي باب من كره أن يعود في =

<<  <  ج: ص:  >  >>