للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَاسْتُدِلَّ بِقَوْلِهِ: ﴿وَاخْتِلَافِ أَلْسِنَتِكُمْ﴾ [سورة الروم: الآية، ٢٢]؛ وَالْمُرَادُ اللُّغَاتُ؛ بِاتِّفَاقٍ.

قلنا: التَّوْقِيفُ وَالْإِقْدَارُ؛ فِي كَوْنِهِ آيَةً - سَوَاءٌ.

الْبَهْشميَّةُ: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ﴾ [سورة إبراهيم: الآية، ٤]؛ دَلَّ عَلَى سَبْقِ اللُّغَاتِ، وإِلَّا، لَزِمَ الدَّوْرُ؛ قُلْنَا: إِذَا كَانَ آدَمُ هُوَ الَّذِي عَلَّمَهَا، انْدَفَعَ الدَّوْرُ؛ .............................................................

الشرح: "واستدلَّ" على التوقيف أيضًا؛ "بقوله" تعالَى: " ﴿وَاخْتِلَافِ أَلْسِنَتِكُمْ﴾ [سورة الروم: الآية، ٢٢] والمرادُ" بالألسنة "اللغاتُ؛ باتِّفاقٍ"؛ إطلاقًا للسبب على المسبَّب، دون الجَارِحَةِ (١)؛ إذ ليست هي المراد؛ بالاتفاق.

"قلنا: التوقيفُ والإقدار" على وضع اللُّغات؛ "في كونه (٢) آيةً - سواءٌ"؛ وكما يطلق اللسان على اللغات مجازًا، يطلق على القدرة كذلك، فليس الحمل على اللغات بأولى من الحمل على القدرة.

ولقائل أن يقول: مجازُ المستدِلِّ أولى؛ لأنَّهُ أقل إضمارًا.

نعم لِلْخَصْمِ أن يقول: سلمنا أن المراد اختلاف اللغات؛ ولكن لم قلتم: إن ذلك إنما يكون آية بالتوقيف، بل هو آيةٌ، وإن كان العبد هو الواضع؛ إذ أفعاله مخلوقة لله تعالَى.

الشرح: واستدلَّ "البهشميةُ" على الاصطِلَاحِ؛ بقوله تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ﴾ [سورة إبراهيم: الآية، ٤] "؛ فإنه "دلَّ (٣) على سبق اللّغات" للرسالة؛ فكانت (٤)، اصطلاحية، "وإلا، لزم الدَّوْر"؛ لكونها توقيفية عند انتفاء الاصطلاح؛ فيلزم تأخرها عن الرِّسالة المتأخِّرة عنها؛ وهو محالٌ؛ لاستلزامه تقدَّم كل منهما على الآخَر (٥).

"قلنا: إذا كان آدم هو الذي علَّمها" غيرَهُ بتعليمِ الله إيَّاه - "اندفع الدَّور"؛ لأن لآدم حالتين: حالة النبوة، وهي الأولَى، وفيها الوَحْيُ الذي من جملته تعليمُ اللغات؛ وعلَّمها الخلْقَ [إذ ذاك، ثم بُعِثَ بعد أن عَلِمَها قومُهُ؛ فلم يكن مبعوثًا لهم إلا بعد عِلْمِهِمُ اللغات، فبعث


(١) في ت: الخارجة، وهو تحريف.
(٢) قوله: "في كونه آية" إشارة لأول الآية "ومن آياته خلق السموات والأرض واختلاف ألسنتكم".
(٣) في ت: يدل.
(٤) في ت: وكانت.
(٥) في أ، ج: على نفسه.

<<  <  ج: ص:  >  >>