للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الرَّابعُ: طَرِيقُ مَعْرِفَتِهَا: التَّوَاتُرُ فِيمَا لَا يَقْبَلُ التَّشْكِيكَ؛ كَالْأَرْضِ وَالسَّمَاءِ، وَالْحَرِّ وَالْبَرْدِ؛ وَالآحَادُ فِي غَيْرِهِ.

فيها على الجواز.

والحق عندي - وإليه يشير كلام المازري -: أنه لا تعلُّق لهذا بالأصل السابق؛ فإن التوقيف؛ لو تم، ليس فيه حَجْر علينا؛ حتَّى لا ننطق (١) بِسِوَاه، فإن فُرِض حَجْرٌ، فهو أمر خارجي، والفرعُ حكمه حكم الأشياء قبل ورود الشَّرائع؛ فإنَّا لا نعرف في الشرع ما يدلُّ عليه.

وما ذكره الصَّابُوني من الاحتمال مدفوعٌ.

قال المَازِرِيُّ: وقد علم أن الفقهاء المحقِّقين لا يحرِّمون الشَّيء بمجرّد احتمال ورود الشَّرع بتحريمه، وإنما يحرِّمونه عند انتهاض دَليلِ تحريمه.

قال: وإن استند (٢) في التحريم إلى الاحتياط، فهو (٣) نظر في المسألة من جهة أخرى.

وهذا كله فيما لا يؤدِّي قَلْبُهُ إلى فساد النِّظَام، وتغييرهُ إلى اختلاط الأحكام، فإن أدى إلى ذلك، قال المَازِرِيُّ: فلا يختلف في تحريمِ قَلْبِهِ (٤)، لا لأجل نفسه؛ بل لأجل ما يؤدي إليه.

الشرح: "طريق معرفتها" - أي. معرفةِ اللُّغَةُ (٥) - "التَّوَاتُرُ فيما لا يقبلُ التَّشْكيك؛ كالأرض والسَّماء، والحر والبَرْد"؛ فتعرف به؛ "و "بـ"الآحاد في غيره"؛ وهو ما يقبل التَّشْكِيك.


= عَرض، كأنه عَنَّ لهما: أي عرض هذا المال فاشتركا فيه.
قال الأَزهري ١/ ١٠٩. سُمِّيَت بذلك لأَنَّ كلَّ واحدٍ عانَ صاحِبَه، أَي: عارضَه بمالٍ مثلِ ماله، وعملٍ مثل عمله. يقال: عارضتُه أُعارِضُه معارضةً، وعانَيْتُه مُعانةً وعِنانًا: إذا عملتَ مثلَ عمله.
ينظر: تحرير التنبيه ٢٢٩.
(١) في أ، ح: ينطق.
(٢) في ت: استبد.
(٣) في أ، ج، ح: وهو.
(٤) في ح: قلته.
(٥) اعلم أنه لا مجال العقل في معرفة الموضوعات اللغوية على الاستقلال؛ لأن الأمور الوضعية لا يستقل العقل بإدراكها بل يكون الطريق إلى معرفتها النقل، وهو إما متواتر، وهو في اللغات التي لا تقبل التشكيك كالأرض والسماء، والحر والبرد، ونحوها في عدم قبول التشكيك، وإما آحاد، وهي في اللغات التي تقبل التشكيك، ولغات القرآن والأحاديث أكثرها من القسم الأول.

<<  <  ج: ص:  >  >>