ويطلق أيضًا على صفة الكمال والنقص، فالحسن كون الصفة صفة كمال، والقبح كونها صفة نقص، فينال الكرم حسن أعني صفة كمال لمن قامت به، والبخل قبيح أي صفة نقص لمن كانت به، وهذا المعنى ثابت للصفات في نفسها، ولا نزاع في أنه عقلي أيضًا. وعلى استحقاق المدح في العاجل والثواب في الآجل واستحقاق الذم والعقاب فيها كذلك فالفعل الذي تعلق به الأولان يسمى حسنًا، وما تعلق به الأخيران يسمى قبيحًا، وما لا يتعلق به شيء منهما لا يسمى حسنًا ولا قبيحًا. وهذا الأخير هو محل النزاع، فهو عند الأشاعرة شرعي أي بجعل الله تعالى وخطابه فما أمر به فحسن وما نهى عنه فقبيح، ولو انعكس الأمر فأمر بما نهى عنه أو نهى عما أمر به لانعكس أمر الحسن والقبح، وصار الحسن قبيحًا والقبيح حسنًا. وإذا جاء النسخ من الحرمة إلى الوجوب ومن الوجوب إلى الحرمة، فليس في ذات الأفعال ولا في صفاتها، ولا في جهاتها ما به يكون استحقاق المدح والذم عاجلًا والثواب والعقاب آجلًا، بل الأفعال كلها سواسية، وكل ذلك بجعل الشارع وخطابه، فالشارع هو الذي جعل الصلاة والصوم مناطًا للثواب، والزنا وشرب الخمر مناطًا للعقاب بدون صلاحية واستحقاق لذلك في ذواتها أو صفاتها أو جهاتها. وعند المعتزلة وجميع الحنفية - لا فرق بين ماتريدية وغيرهم - عقلي أي لا يتوقف معرفته وأخذه على الشرع أي الدليل السمعي والخطاب اللفظي بل يمكن إدراكه وأخذه من طريق العقل بإدراك ما في الأفعال من المصالح والمفاسد. فاتفق الجميع على أنه عقلي لكنهم اختلفوا في استلزامه للحكم في العقل، فذهبت المعتزلة إلى أن كلًّا من الحسن والقبح يوجب الحكم من الله تعالى، فلو لم يجيء الشرع بأن لم ترسل الرسل ولم تنزل الكتب، وأوجد الله الأفعال لوجبت الأحكام على حسب ما فصل، وجاءت به الشريعة الحقة. ثم إنهم جعلوا هذا الاستلزام عامًا لا خاصًا بفعل دون آخر ما دام الفعل أدرك جهة المصلحة أو =