للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

العبد غير خالق "لأفعال نفسه" (١).

والثانية: أن الله لا يعاقب إلا على ما فعله العبد، والثواب والعقاب واقعان على الجوارح (٢)، فلزمت الواسطة بين القَدَرِ والجَبْرِ، وساعدنا عليها شاهد في الخارج، وهو التفرقة الضرورية بين حركة المرتعش والمريد، فأثبتنا هذه الواسطة، وسميناها بالكَسْبِ لقوله تعالى: ﴿لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ﴾ [سورة البقرة: الآية ٢٨٦] وغير ذلك من الآي والأخبار، فإنْ سُئِلْنا (٣) عن التعبير عن هذا الكَسْبِ بتعريفٍ جامعٍ مانعٍ قلنا: لا سبيل لنا إلى ذلك والسلام، فرُبَّ ثابتٍ لا تحيط (٤) به العِبَارَات، ومحسوسٍ لا تكتنفه الإشاراتُ.

ومن أصحابنا من أخذ يحقق الكَسْب فوقع في مُعْضل أرب لا قِبَلَ له به.

والصواب عندنا: أنه أمر لَزِمَ عن حقّ فكان حقًّا، وعضده ما ذكرناه، فعرفناه على الجملة دون التَّفصيلِ.

وما أحسنَ قول علي بن موسى الرضا (٥) وقد سُئِل: أيكلّف الله العباد بما لا يطيقون؟ قال: هو أعدل من ذلك.

قيل: أفيستطيعون أن يفعلوا (٦) ما يريدون؟ قال: هم أعجز من ذلك.

وعلى الرضا هو ابن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمَّد الباقر بن زين العابدين بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب وهذا الذي قاله عينُ مَذْهبنا فافهمه.

وهو قبل الأشعري وَفَاة بما ينيف على مائة وعشرين سنة، فإنه مات بـ"طوس" سنة ثلاث


(١) في أ، ج، ح: لأفعاله.
(٢) في ب: الخوارج.
(٣) في ت: سكتنا.
(٤) في أ، ج، ح: يحيط.
(٥) أبو الحسن علي بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق، الملقب بـ"الرضي": ثامن الأئمة الإثني عشر عند الإمامية، ومن أجلاء أهل البيت وفضلائهم. ولد بالمدينة سنة ١٥٣ هـ، أحبه المأمون العباسي، فعهد إليه بالخلافة من بعده، وزوجه ابنته، وضرب اسمه على "الدينار"، و"الدرهم"، وغير من أجله الزي الذي هو السواد، فجعله الأخضر، فاضطرب العراق، وثار أهل بغداد، فخلعُوا المأمون، وهو في "طوس" وبايعوا عمه إبراهيم بن المهدي، إلا أن المأمون قضى عليهم، وعفا عن عمه. مات الرضي في حياة المأمون سنة ٢٠٣ هـ. ينظر: الطبري ١٠/ ٢٥١، وابن الأثير ٦/ ١١٩، وابن خلكان ١/ ٣٢١.
(٦) في أ، ج، ح: تفعلوا.

<<  <  ج: ص:  >  >>