للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَالتَّحْقِيقُ أَنَّهُ يَتَرَجَّحُ بِالاخْتيَارِ.

الأول: مسلَّمٌ، فإنها واجبة الوقوع لتمام عِلَّتها (١) الصَّادرة من الغير.

والثاني ممنوع؛ لأنها وجبت بالغَيْرِ، ووجوب الشَّيء بشرط غيره لا ينافي إمكانه وقدرة الغير عليه، فلم تكن حركاتنا كحركات المرتعش.

والحاصل: أنا نلتزم الاضطرار، ولا ينتفي للمدح والذم.

وما قيل من الإجماع على انتفاء التكليف بالاضطراري إنما هو في الاضطراري الذي لا مدخل للعبد [فيه] (٢) ألبتة.

وأما ما يكمل المرجّح فيه بداعية العبد وعزمه فالفعل واجب، ولا ينفي (٣) هذا الاضطرار الثواب والعقاب.

وأما الثاني فضعيف، لقيام الفرق، فإن فاعلية الباري - تعالى - تتوقَّف على مرجّح من قبله، وهو إرادته القديمة المتعلّقة بالإيجاد في وقت مخصوص، وما ذكرنا من التقسيم غير آتٍ فيه حتى يلزم التسلسل أو الاضطرار أو الاتفاق، ولا يلزم قدم مخلوقاته.

وأما الثالث فساقطٌ؛ لأَن الدليل على المقدمة الثانية في البرهان المذكور إنما هو الاتفاق على أن الاضطراري والاتفاقي لا يصحَّان عقلًا، وهو غير حاصل في الحسن والقبح الشرعيين، ولأَنَّ جماهير القائلين بانهما شرعيان - وإمامهم شيخنا أبو الحسن - قالوا بجواز التكليف بما لا يطاق.

"والتحقيق" في الجواب عن فعل العَبْدِ: "أنه" يجوز صدوره، ولكن "يترجَّح" صدوره "بالاختيار" من العبد.

والحاصل: أن بين القدر والجبر واسطة، وهي: الكَسْب الذي نقول بإثباته، وتحقيقه محال على الكتب الكلامية من كتب أصحابنا. فلا تظنن هذا المكان يتكفّل لك بتقرير الكسب الذي هو أصعب ما عند الأشاعرة.

وإن أبيت إلا التعتق بما يكون في ضميرك عقدًا من معرفة الكسب، فاعلم أن أئمتنا قد أكثروا فيه.

ولي أنا فيه طريقة أراها الصواب فأقتصرُ على ذكرها قائلًا: ثبت لنا قاعدتان: إحداهما: أن


(١) في ت: عليها.
(٢) سقط في ت.
(٣) في أ، ح: يبقى، وفي ت: ينتفي.

<<  <  ج: ص:  >  >>