إجماعًا"، أما عندنا فظاهرٌ، وأما عند الخَصْمِ فلأنه لا يجوز التكليف بالأفعال التي هي غير اختيارية شرعًا، فضلًا عن أن يعلم ذلك بضرورة العقل أو نظره.
وإنما قلنا: إن العبد غير مختار في أفعاله؛ "لأنه إن كان" صدور الفعل عنه "لازمًا، فواضح" لزوم الجَبْرِ، وحصول المطلوب من عدم الاختيار، "وإن كان جائزًا"؛ فإما أن يفتقر (١) في ترجيح أحد طرفيه على الآخر إلى مرجح، أو لا؛ "فإن افتقر إلى مرجِّح، عاد التقسيم" المذكور فتقول: - مع ذلك المرجح - إما أن يكون الفعل لازمًا أو جائزًا، ويلزم التسلسل أو الانتهاء إلى مرجح مخلوق لله - تعالى - ولا يتمكن العبد من تركه عند وجوده. فيلزم الاضطرار؛ "وإلا" - أي: وإن لم يفتقر إلى مرجِّح، "فهو اتفاقي" لا يصدر عن اختيار، وقد اعتمد الإمام الرَّازي على هذا الدليل.
والثاني: أنه "يلزم عليه فعل الباري"، فيلزم ألا يكون مختارًا، وذلك كُفْرٌ.
والثالث: أنه يلزم منه أيضًا "ألا يوصف" الفعل "بحسن ولا قُبْح شرعًا" بغير ما ذكر وهو باطل وفاقًا.
واعلم أن الإلزام الأول أوجه الإلزامات.
وقد يقال عليه: أما التفرقة بين حركة المرتعش وغيره فضرورية، وهي التي جعلت مذهبنا - معاشر الأشاعرة - واسطة بين الجَبْرِ والقَدَرِ.
وأما إبطال هذا الدليل بهذا ففيه نظر؛ لأن مورد التقسيم فعل العبد، وحركة المرتعش ليست من فعله، ولا يقال: حرك المرتعش يده إلا مجازًا، لفقدان الاختيار والداعية.
قولكم: لو كانت أفعالنا اضطرارية لساوت حركاتنا حركات المُرْتَعِشِ.
قلنا: أي المساواة تريدون المساواةَ من جِهَةِ امتناع التَّكليف بها.