للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَمِنَ السَّمْعِ ﴿وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا﴾ [سورة الإسراء: الآية ١٥] لاِسْتِلْزَامِ مَذْهَبِهِمْ خِلافهُ.

قَالُوا: حُسْنُ الصِّدْقِ النَّافِعِ وَالإيمَانِ، وَقُبْحُ المكَذِبِ الضَّارِّ وَالكفْرَانِ - مَعْلومٌ بِالضَّرُورَةِ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ إِلَى عُرْفٍ أَوْ شَرْعٍ أَوْ غَيْرِهِمَا. والْجَوَابُ الْمَنْعُ بلْ بِمَا ذُكِرَ.

قَالُوا: إِذَا اسْتَوَيَا فِي الْمَقْصُودِ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ كُلِّ مِقْدَارٍ، آثَرَ ........

الشرح: "ومن السمع" مما يهدم قاعدةَ الحسنِ والقبح قوله تعالى: ﴿وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا﴾ [سورة الإسراء: الآية ١٥].

ولم يقل (١): حتى نركِّب [فيهم] (٢)، عقولًا، وإنما ورد على الخصوم هذا "لاستلزام مذاهبهم خلافه"، وذلك لأنه - تعالى - نفى التعذيب قبل البعْثَةِ.

والقولُ بأنَّ العقل يقتضي ويستلزم التعذيب وإن لم توجد البعثة، لوجدانه قبلها، والتعذيب عندهم إذا قضى به العَقْل واجب، فلا يتخلف.

ولنا آي أُخَر، سأذكر بعضها في أثناء مسألة شُكْر المنعم.

الشرح: "قالوا": العلمُ بالحسن والقبح ضروريٌّ، إذ "حسن الصدق النافع والإيمان، وقبح الكذب الضَّار، والكُفْران معلوم ضرورة من غير نظر إلى عُرْفٍ أو شرع أو غيرهما"، بدليل أنه حاصل لجميع الأمم، حتى إن منكري الشرائع يعترفون بحسن الصدق النافع، وقبح الكذب الضَّار، ولو كان ذلك مستفادًا من الشرع لما حصل لهم.

"والجواب المنع"، فلا نسلِّم أن ذلك يعلم بضرورة العَقْل، وكيف يستتب (٣) ادعاء الضرورة، ومن العقلاء من لا يعتقد قُبْحَ ما ذكروه من الأشياء، "بل" إنما يحكم بالحسن والقبح "بما ذكر" من الشَّرْع.

الشرح: "قالوا" الصِّدقُ والكذبُ "إذا استويا في المقصود مع قطع النَّظر عن كل" أمر "مقدر" يقضي بترجيح. أحدهما "آثر العقلُ الصدقَ" على الكذب، وليس ذلك إلَّا لأنه حسن بالعقل.


(١) في ت: نقل.
(٢) سقط في ت.
(٣) في أ، ح: يتسبب، وفي ت: تستثبت.

<<  <  ج: ص:  >  >>