للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْعَقْلُ الصِّدْقَ. وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ تَقْدِيرُ مُسْتَحِيلٍ؛ فَلِذلِكَ يُسْتَبْعَدُ مَنْعُ إِيثَارِ الصِّدْقِ، وَلَوْ سُلِّمَ، فَلا يَلْزَمُ فِي الْغَائِبِ؛ لِلْقَطْع بِأَنَّهُ لا تقْبُحُ مِنَ اللهِ تَمْكِينُ الْعَبْدِ مِنَ الْمَعَاصِي، وَيَقْبُحُ مِنَّا.

قَالُوا: لَوْ كَانَ شَرْعِيًّا، لَزِمَ إِفْحامُ الرُّسُل. فَيَقُولُ: لا أَنْظُرُ فِي مُعْجِزَتِكَ حَتَّى يَجِبَ النَّظَر، وَيُعْكَسَ، أَوْ لا يَجِبُ حَتَّى يَثْبُتَ الشَّرْعُ وَيُعْكَس. وَالْجَوَابُ أَنَّ .......

"وأجيب [بأنه] تقديرٌ مستحيلٌ" وقوعه، فإن الصدق والكذب مُتَنَافيان، ويستحيل تساوي المتنافيين في جميع الصفات، "فلذلك" الفرض المستحيل "يستبعد" في العقل "منع إيثار (١) الصدق"، ولا يلزم من استبعاد العقل ذلك على هذا التقدير بعده في نفس الأمر، وإنما يلزم أن لو وقع في نفس الأمر، وهو ممنوع،

"ولو سلم" إمكان التقدير في حقنا "فلا يلزم" مثله "في الغالب (٢)، للقطعِ بأنَّه لا يقبح (٣)، من الله تمكين العَبْدِ من المعاصي، ويقبح" ذلك "منا" فلا يُقاس الغائب بالشاهد.

الشرح: "قالوا: لو كان" الحسن والقبح "شرعيًا" لكان وجود النظر شرعيًا، وذلك واضح.

ولو كان كذلك "لزم إفحام الرسل" أي: انقطاعهم؛ وذلك لأن الرَّسول (٤) إذا قال للمرء: انظر في معجزتي لتؤمن "فيقول: لا انظر في معجزتك (٥) حتى يجب النظَرُ" فيها "ويعكس" (٦) قائلًا: "ولا يجب" عليَّ النظر "حتى يثبت الشرع"، ضرورة توقّف الوجوب على الشرع حينئذ، "ويعكس" قائلًا: ولا يثبت الشرع حتى أنظر، وأنا لا أنظر، ويكون هذا القول حقًّا، ولا سبيل للرسول إلى دفعه وهو حُجَّة عليه، وهو معنى الإفهام.


(١) في أ: مع إثبات الصدق.
(٢) في ج، ح: الغائب.
(٣) في أ، ح: يصح.
(٤) الرسول في الشرع إنسان بعثه الله تعالى إلى الخلق لتبليغ الأحكام، والنبي أعم منه، وقد ختم بخاتم النبيين .
(٥) قال السعد: المعجزة أمر خارق للعادة قصد به إظهار صدق من ادعى أنه رسول، وعرفها غبره بأنها أمر خارق للعادة مقرون بالتحدي مع عدم المعارضة، والأمر الخارق يشمل ما كان فعلًا كنبع الماء أو تركًا كعدم إحراق النار لإبراهيم ، ومعنى كونه خارقًا للعادة أنه لم يعهد ظهور مثله فهو خارج عن المألوف والمعتاد. ينظر: رسالة التوحيد لصالح شرف ص (٦٣).
(٦) في ب: تعكس.

<<  <  ج: ص:  >  >>