للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وُجُوبَهُ عِنْدَهُمْ نَظَرِيٌّ فَيَقُولُ بِعَيْنهِ، عَلَى أَنَّ النَّظَرَ لا يَتَوَقفُ عَلَى وُجُوبِهِ، وَلَوْ سُلِّمَ، فَالْوُجُوبُ بِالشَّرْعِ، نَظَرَ أَوْ لَمْ يَنْظُرْ، ثَبَتَ أَوْ لَمْ يثْبُتْ.

قَالُوا: لَوْ كَانَ ذلِكَ، لَجَازَتِ الْمُعْجِزَةُ مِنَ الْكَاذِبِ، وَلامْتَنَعَ الحكْمُ بِقُبْح نِسْبَةِ الْكَذِبِ عَلَى اللهِ قَبْلَ السَّمْعِ، وَالتَّثْلِيثِ وَأَنْوَاعِ الْكُفْرِ مِنَ الْعَالَمِ (١). وَأُجِيبَ بِأنَّ الأَوَّلَ إِنِ امْتَنَعَ فَلِمَدْرَكٍ آخَرَ، ....................................

"والجواب: أن وجوبه" [وإن استند عندهم إلى العقل، فليس بضروري "عندهم" بل هو "نظري فيقول بعينه": لا أنظر حتى أعرف وجوب النظر، ولا أعرف حتى أنظر، فإذن الشُّبهة (٢) مشتركة الإلزام، فما كان جوابًا لهم فهو جوابنا.

"وعلى" أنا نقول: "إن النظر" في المعجز "لا يتوقف على وجوبه"] (٣)، لإمكان أن ينظر العاقلُ قبل تعلّق الوجوب به.

"ولو سلَّم" توقّفه عليه "فالوجوبُ" - وجوبُ النَّظر - إنما هو "بالشَّرع" عندنا، "نظر أولم ينظر، ثبت" عنده الشرع "أو لم يثبت"، فإنه متى ظهرت المُعْجزة فإنفسها وكان صدق النبي فيما ادّعاه [ممكنًا] (٤)، والمدعو متمكنًا من النظر والمعرفة فقد استقر الشرعُ وثبت، والمدعو مفرط في حق نفسه.

الشرح: "قالوا: لو كان ذلك" - كذا بخطّه - أي: كون الحسن والقبح شرعيين قائمًا في نفس الأمر، ولم يكونا عَقْليين - لحسن من الله كل شيء، ولو حسن منه كل شيء، "لجازت" وحسنت "المعجزة من الكاذب"، وحينئذٍ يقع التباس النَّبي بالمتنبئ، "ولامتنع الحكم بقبح نسبة الكذب على الله - تعالى - قبل ورود السمع" بحرمة الكَذِبِ عليه - كذا بخط المصنف. وفي بعض النُّسخ: نسبة الكذب إلى الله، أي: لا يقبح أن ينسب الكذب إليه قبل السمع ولامتنع الحُكْمُ بقبح عِبَادَةِ الأصنام، "والتَّثْلِيث، وأنواع الكفر من العالم" قبل الشرع.

"وأجيب: بأن الأولَ" أي: المعجزة على يد الكاذب - لا نسلم أن امتناعه لذاته، بل "إن امتنع فلمدرك آخر" غير القبح الذاتي، وهو العادة، ولا يلزم عليه التباس النبي بالمتنبئ، فإن


(١) ضُبطَ في أصل الخطية بفتح اللام، وسَقَط منها لفظة "بخِلافِهِ" التي شَرَح عليها العَضَد، فَإنها بكَسْر اللَّام على أصله، فليتنبه.
(٢) في أ، ج: المشبهة.
(٣) سقط في ت.
(٤) في ب: متمكنًا، سقط في ح.

<<  <  ج: ص:  >  >>