- وقسم لا كفارة فيه ولا حَدَّ، كسرقة ما لا قطع فيه واليمين الغموس عند أحمد وأبي حنيفة، ونحو ذلك. فهذا يسوغ فيه التعزير وجوبًا عند الأكثرين، وجوازًا عند الشافعي. وقال القرافي في الفروق: - الفرق السادس والأربعين بعد المائتين: إنَّ في التعزير يختلف باختلاف الأعصار والأمصار، فرُبَّ تعزير في بلد، يكون إكرامًا في بلد آخر، كقلع الطيلسان لغير تعزير في الشام؛ فإنه إكرام، وكشف الرأس عند الأندلسيين ليس هوانًا، وبمصر والعراق هوان". وبعد، أفرأيت إلى أي حد راعى فقهاء الإسلام اختلاف البيئات، وتفاوت الأزمنة والعصور في التَّهذيب والتقويم؟ وهل أدركت مقدار ما في صنيعهم هذا من مرونة واستجابة لوحي المصلحة، ومسايرة لأحوال الناس في جميع بيئاتهم ومختلف أزمانهم؟ ذلك، لم يكن بدْعًا إن بقيت، وسيبقى على الزمان شرع الله في الأرض الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلَفه. ثم لننظر الآن فيما ذكره الفقهاء من أنواع التعزيرات مع الالتفات أحيانًا إلى خلافهم في بعض هذه الأنواع. ذكروا من هذه الأنواع: ١ - الهجر والإعراض. ٢ - التوبيخ والتبكيت. ٣ - الحبس. ٤ - النفي والإبعاد عن الوطن. ٥ - الضرب. ٦ - الغرامات المالية. ٧ - القتل. (١) عبد العزيز بن عبد السلام بن أبي القاسم بن الحسن، وحيد عصره، سلطان العلماء، عز الدين، أبو محمد السلمي، الدمشقي ثم المصري، ولد سنة ٥٧٨، وتفقه على الشيخ فخر الدين بن عساكر، وجمال الدين بن الحرستاني، وقرأ الأصول على الآمدي، وبرع في المذهب، حتى قيل: إنه بلغ رتبة الاجتهاد، وصنف التصانيف المفيدة، وله كرامات ومحن جسيمة، وكان يضرب به المثل في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وله القواعد الكبرى والصغرى، ومجاز القرآن وغيرها. توفي سنة ٦٦٠. ينظر: طبقات ابن قاضي شهبة ٢/ ١٠٩، والأعلام ٤/ ١٤٤، وفوات الوفيات ١/ ٢٨٧.