أما تسميته خليفة: فلكونه يخلف النبيّ ﷺ في أمته، فيقال: خليفة بإِطلاق، وخليفة رسول الله ﷺ، واختلف العلماء في تسمية خليفة الله، فجوزه بعضهم؛ لقيامه بحقوقه في خلقه، ولقوله تعالى: ﴿وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ الْأَرْضِ﴾ ومنع جمهور العلماء من جوازه، ونسبوا قائله إِلى الفجور، وقالوا: يستخلف من يغيب أو يموت، والله لا يغيب ولا يموت، وقد قيل لأبي بكر ﵁: يا خليفة الله، فقال: لست بخليفة الله، ولكني خليفة رسول الله ﷺ. وأما تسميته إِماما: فتشبيه بإِمام الصلاة في اتباعه، والاقتداء به، ولهذا يقال: الإِمامة العظمى احترازًا عن إِمامة الصلاة. أما نصب الخليفة فذهب جمهور العلماء إِلى أن نصب الخليفة، وإِقامته على الأمة واجب على المسلمين. وخالفهم الأصم من المعنزلة وبعض الخوارج إِذ قالوا بجواز نصب الخليفة لا وجوبه، والواجب عندهم إِمضاء أحكام الشَّرع، فإِذا اتفقت الأمة على العدل، وتواطأت على تنفيذ أحكام الله تعالى لم تحتج إِلى خليفة، ولا يجب عليها نصبه. والقائلون بوجوب نصب الخليفة اختلفوا في طريقه: فذهب أهل السنة، وأكثر المعتزلة إِلى أن نصبه واجب بالسمع، وذهب جماعة منهم الجاحظ والخَيَّاط والكَعْبي وأبو الحسين البصري إِلى أن نصبه واجب بالعقل. استدلّ أهل السنة، ومن وافقهم على الوجوب سمعًا بأمور: الأول: تواتر إِجماع المسلمين في الصدر الأول بعد وفاة الرسول ﷺ على امتناع خلو الوقت عن خليفة، حتى قال أبو بكر في خطبته حين وفاة الرسول ﵇: "ألا إِن محمدًا قد مات، ولا بد لهذا الدين ممن يقوم به" فبادر الكلّ إِلى قبول قوله، ولم يقل أحد: لا حاجة لنا بذلك، بل اتفقوا عليه، وأخذوا ينظرون فيمن يتولّى أمرهم، وتركوا له أهم الأشياء، وهو دفن النبيّ ﷺ واختلاف =