للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِعَيْنِهِ غَيْرُ مَعْقُولٍ بِخِلافِ التَّأْثِيمِ عَلَى تَرْكِ وَاحِدٍ مِنْ ثَلاثَةٍ.

قَالُوا: يَجِبُ أَنْ يَعْلَمَ الآمِرُ الْوَاجِبَ. قُلْنَا: يَعْلَمُهُ حَسْبَمَا أَوْجَبَه، وَإِذَا أَوْجَبَهُ غَيْرَ مُعَيَّنٍ، وَجَبَ أَنْ يَعْلَمَهُ غَيْرَ مُعَيَّنٍ.

قَالُوا: عَلِمَ مَا يُفْعَلُ فَكَانَ الْوَاجِبَ. قُلْنَا: فَكَانَ الْوَاجِبَ؛ لِكَوْنِهِ ...........

وقد حكى المَاوَرْدِيّ (١) في "الحاوي" (٢) وجهين، فيمن مات وعليه الكَفَّارة المخيرة، ولم يوص بإِخراجها، وعدل الوارث عن أول الأمور إِلى العِتْقِ، هل يجزئ؟.

قال: ويشبه أن يكونا مخرجين من الخلاف المذكور.

إِن قلنا: الجميع واجب، وله إِسقاط الوجوب بإِخراج واحد آخر.

وإِن قلنا: أحدها لا بعينه لم يجزئ؛ لأنه لم يتعيَّن في الوجوب.

"وأيضًا فتأثيمُ واحد لا لعينه غير معقول"؛ لأنه لا يمكن عقاب أحد الشخصين إِلا على التعيين، "بخلاف التَّأثيم على تَرْك واحد من الثلاثة"، لجواز أن العقاب على أحد الفعلين لا بعينه. والذين ذهبوا إِلى أن الواجب معين عند الله تعالى.

الشرح: "قالوا: يجب أن يعلم الآمرُ الواجبَ"؛ لأنه طالبه، ويستحيل طلب المَجْهُول، وإِذا علمه كان معينًا، لتميزه عن غيره.

"قلنا": أما وجوب علمه بما أوجبه فصحيح، ولكن إِنما "يعلمه حسب ما أوجبه، وإِذا أوجب" واحدًا "غير معين، وجب أن يعلمه غير معين"، وإِلَّا لم يكن عالمًا بما أوجبه.

والحاصلُ: أن المعيَّن يطلق على المُشَخَّص، ولا يلزم أن يعلم الطَّالب المشخّص، ولا أن يوجه الطَّلب نحوه، وعلى المعلوم المتميّز، فإِنَّ له تعيُّنًا بوجه ما، وهو الموجود هنا، والَّذين قالوا: الواجب هو: ما يفعله العبد.

الشرح: "قالوا: علم" الله "ما يفعل" العبد، "فكان" المفعول "الواجب" في علمه تَعَالى، للاتفاق على إِثباته بالواجب إِذا فعل ما شاء منهما.


(١) علي بن محمد بن حبيب القاضي أبو الحسن الماوردي البصري، أحد أئمة أصحاب الوجوه، تفقه على أبي القاسم الصيمري، وسمع من أبي حامد الإِسفراييني، قال الخطيب: كان ثقة، من وجوه الفقهاء الشافعيين. وقال الشِّيرازي: وله مصنفات كثيرة في الفقه والتفسير وأصول الفقه والأدب، وكان حافظًا للمذهب. ومن تصانيفه: الحاوي. قال الإِسنوي: ولم يصنف مثله، والأحكام السلطانية، والتفسير المعروف بالنكت والعيون وغيرها. مات سنة ٤٥٠. ينظر: طبقات ابن قاضي شهبة ١/ ٢٣٠، وتاريخ بغداد ١٢/ ١٠٢، وطبقات السبكي ٣/ ٣٠٣.
(٢) الحاوي؛ حققناه - بعون الله تعالى - في تسعة عَشَرَ مجلدًا، ولله الحمد والمنة.

<<  <  ج: ص:  >  >>